تشتق كلمة (ليبرالي) من كلمة (ليبرتي) وهي بمعنى الحرية، والليبرالية ترتكز على مفهوم التحرر من تدخل الدولة في تصرفات الأفراد، سواء في سلوكهم الشخصي أو حقوقهم الطبيعية، أو أنشطتهم المختلفة السياسية .
أو الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو حقوقهم الطبيعية، أو أنشطتهم المختلقة السياسية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية أخذاً بمبدأ (دعه يعمل)، وهي لا تنفصل عن فكرة الديمقراطية والتي بمعنى (حكومة الشعب) أي (النظام السياسي الذي من شأنه أن يكون الشعب مصدر كل سلطة تحكم المجتمع) وباتحاد مفهوم الليبرالية والديمقراطية الغربية تتبلور خطواتهما على النحو التالي:
1- إقرار العلمانية بمعنى فصل الدين عن الدولة.
2- تكريس النزعة الوطنية والقومية، والبعد عن النزعات الدينية.
3- إتاحة الحريات الشخصية بعيداً عن التدخلات الدينية.
4- اختيار القوانين الوضعية بدلاً من التشريعات السماوية باعتبار الأخيرة لا تعايش الواقع الفعلي.
5- الاتجاه للاقتصاد الرأسمالي.
6- تكريس فكرة أن الشعب هو مصدر السلطات؛ مما يعني ظهور المظاهر البرلمانية، واختيار الشعب للنخب الحاكمة له.
وقد استغل الاستعمار الغربي إبان حكمه لدول المشرق العربي في القرن التاسع عشر الميلادي الفرصة لفرض النظام الليبرالي على بعض الدول الإسلامية والعربية، وذلك بتغيير الدستور الذي ينص على أن الإسلام هو دين الدولة، وتجريد رجال الدين من مناصبهم، وحل مؤسساتهم، وتبني القانون الوضعي، وإلغاء استعمال الأحرف العربية، واستبدالها بأحرف لاتينية، كما تم استبدال التقويم بالتاريخ الهجري إلى التقويم بالتاريخ الميلادي، وفرض نظام اقتصادي مستوحى من النظام الاقتصادي الغربي الرأسمالي والذي من أهم ملامحه:
1- إقرار النظام الربوي في البنوك والمؤسسات المالية.
2- احتكار الأغنياء وأصحاب النفوذ السياسي تجارة الاستيراد والتصدير، والمشروعات الكبيرة مما أوجد هوة كبيرة بين أفراد الشعوب من طبقة أغنياء كبار وطبقة كادحة فقيرة. ولقد ركزت الليبرالية في الناحية الاجتماعية على المرأة بدعوى تحريرها، وذلك بأن تتمرد على فطرتها التي خلقها الله لها كزوجة، وأم لتخرج لمزاحمة الرجل فيما خُلق له من الكدح والتعب وتأمين العيش الكريم لها، دون مراعاة للأحكام الدينية التي تنص على الفصل بين الجنسين بدعوى أن الفصل بينهما يعارض مبدأ الحرية الشخصية التي هي إحدى دعائم الليبرالية، وفي هذا يقول المفكر الغربي (جان بول رو): (إن التأثير الغربي الذي يظهر في كل المجالات ويقلب رأسا على عقب المجتمع الإسلامي لا يبدو في جلاء أفضل مما يبدو في تحرير المرأة)، وقد فشلت الدول الإسلامية التي اتخذت الليبرالية الديمقراطية منهجاً لها؛ لأن الليبرالية نظام بشري خالٍ من القيم الروحية المستمدة من الإيمان بأن هناك خالق لهذا الكون هو الذي يدبر شؤونه وأنه باتباع هديه، وما جاءت به رسله تكون سعادته في الدنيا والآخرة فالإسلام عقيدة وشريعة لا تنفصلان، ولا يمكن لشعب مسلم يؤمن بذلك أن يتعايش مع ما يخالف فطرته وعقيدته، ولعل ما يُرى من نجاح الليبرالية في المجتمعات الغربية هو بسبب أن المسيحية لا تشتمل على شريعة للحياة؛ حيث إن الإنجيل قسَّم الحياة إلى جزأين: أحدهما لله، والثاني للحاكم فجاء فيه: (أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله) فلذلك من أراد الجمع بين الإسلام والليبرالية كمنهج للحياة فهو كمن يجمع بين النقيضين؛ الكفر والإيمان، وهذا محال.
dr-a-shagha@hotmail.com