عمليات العنف التي تنفذها فئة ضالة في العالم العربي والإسلامي خصوصاً في العراق وأفغانستان والباكستان وسيلة دموية مارقة استهدفت سفك دماء المسلمين الأبرياء من أجل تحقيق أوهام خيالية وأهداف ضالة وطموحات مشبوهة لا يمكن أن يرتكبها إنسان عاقل ناهيك عن أن يكون إنسانا مسلما مستقيما. إذ أن مجرد السماع بأخبار من سقطوا ضحايا العنف بدون ذنب إلا من كونهم كانوا في المكان الخطأ والزمن الخطأ لمدعاة للحسرة والألم.
تدعونا هذه العمليات المجرمة في حق المسلمين للتوقف برهة من الزمن، ليس وحسب للتساؤل عن المسبببات والدوافع التي يستحيل أن تقتنع بها عقلية إنسان عاقلة وبصيرة، وإنما أيضاً لنتساءل عن مدى ارتباط تلك الفئة الضالة بأعداء الأمتين العربية والإسلامية؟ إذ لا يمكن بل ولا يعقل أن ترتكب تلك الجرائم البشعة إلا لخدمة أعداء الأمة. حقاً هي قناعة تتعمق أكثر في نفوس المسلمين عندما يشاهدون صور الشهداء التي أزهقت أرواحها أحقاد أولئك الذين ضلوا عن طريق الحق والصواب وحادوا عن شريعة الله الإسلامية السمحة التي تحرم قتل النفس إلا بالحق.
إن تلكم الأفعال الإجرامية لا يمكن أن تحرك في النفوس المسلمة إلا مشاعر الرفض القاطع لها ولمبرراتها ولدوافعها ومرتكبيها لتركيزها الواضح على نشر الفتنة بين المسلمين والخروج على حقائق الأمة العربية والإسلامية التاريخية بهذا الشكل الخطير. فشريعة الإسلام وجموع المسلمين أدركوا حقيقة الفئة الضالة بتوجيهات تنظيم القاعدة فجرموها وأعلنوا رفضهم القاطع لتلك السلوكيات الشنيعة التي تتنافى قولاً وعملاً وفعلاً مع تعاليم الشرع الإسلامي ومع مسؤوليات وواجبات المواطنين المسلمين تجاه أوطانهم وحكوماتهم.
ولاشك أن محاولة إشباع نزعة الغضب والحقد والانتقام (التي لا مبرر لها) دفعت بتلك الفئة الضالة إلى سفك دماء المسلمين، وإن تلك الأفعال قد تجد قبولاً في نفوس أصحابها الضالين، إلا أنها جوبهت بنمو وعي إسلامي وعربي عميق رفضها رفضاً قاطعاً جرم من يرتكبها أو يساعد في ارتكابها أو حتى من يدعم أو يتستر على مرتكبيها لهذا السبب أعلن فقهاء العالم الإسلامي رسمياً وشرعياً عن ضلال هذه الفئة وانحرافها عن طريق الحق والصواب بعد أن شوهت الحقائق واغتصبتها من غير وجه حق.
الأحداث الإرهابية وتداعياتها السلبية على نمو وتطور ومنجزات العالم الإسلامي باتت تعيش بعمق في وعي الشعوب الإسلامية بعد أن تحصنت فكرياً من مبرراتها الوهمية وبطولاتها المزعومة التي لا يمكن أن تبرر أفعالها وأعمالها مهما كانت الأسباب والدواعي. الحال في زمن العالم الإسلامي الراهن يختلف عن حاله في الزمن الماضي فمجرد السماع ناهيك عن رؤية مشاهد مخلفات أعمال الفئة الضالة غدت مقززة للنفوس ومؤلمة للمشاعر ومنفرة لعقول الغالبية العظمى من البشر عامة والمسلمين خاصة الذين يؤمنون بالله وبرسوله ويتبعون ملته ويطبقون شريعته السمحاء التي تحرم الخروج على جموع الأمة الإسلامية وعلى ولاة أمورها.
الحقيقة التي ترسخت حتى الآن في وعي الأمة الإسلامية تؤكد أن الأيدي الضالة التي تغتصب حقوق المسلمين وتعيق حركات تطورهم هي ذات الأيدي الآثمة التي اشتركت على مدى التاريخ في حياكة المؤامرات ووضع المعوقات ونصب الشراك للايقاع بوعي الأمة ومنعها من تحقيق أهدافها ومصالحها الإسلامية. فالباطل لا يمكن أن يتخفى وراء أقنعة خطاب مزيف ولا أن يختبىء خلف مسميات الأبطال وأفعالهم الضالة التي ترتكب في حق شعوب الأمة. حقائق الإحصائيات والأدلة تؤكد على أن معظم المغدور بهم ظلماً وعدواناً كانوا من المسلمين المؤمنين بالله وبدينه الإسلامي القويم. بل أثبتت تلك العمليات الإرهابية الضالة معارضتها القاطعة لكل ما كان يدعو إليه الإسلام من سماحة وأمن وسلام واستقرار ومن ضرورة التعامل بالحسنى مع المسلمين وغير المسلمين وفقاً لشريعة الله وبأساليب ووسائل متمدنة وحضارية.
وإذا ما اعتقدت الفئة الضالة بأنها قد تؤثر على أمن واستقرار العالم الإسلامي باشاعة الفوضى والخراب في المجتمعات الإسلامية، فإنهم لا يخطئون في هذا الحساب وحسب، وإنما يؤكدون إصرارهم على رفض حكم شرع الله بحقن دماء الأبرياء وأمره بطاعة ولاة الأمر، ناهيك عن مناقضتهم لرأي الجماعة القاطع القاضي بأن أفكارهم وسلوكياتهم ومرجعيتهم لا يمكن أن تعبر عن سلوك المسلمين الطبيعي الإنساني المعقول والمقبول.
أخيراً يستحيل القول بأن عمليات الفئة الضالة بقتل النفوس البريئة من الممكن أن ترهب وتخيف المسلمين، أو أن تمنعهم من مواصلة رفضهم القاطع لتلك الأساليب الضالة التي يستحيل أن تعالج الأمور، ناهيك عن أن تقومها. بل على النقيض من ذلك أثبتت الفئة الضالة أنهم سجلوا نقطة سوداء في جبين تنظيماتهم وزعاماتهم في ذات الوقت الذي جيروا فيه لأنفسهم ولتنظيماتهم الضالة غضب الرأي العام الإسلامي على أفكارهم وأفعالهم المنحرفة.
أخيراً فإن ما فعلته الفئة الضالة جيشت ضدهم الرأي العام الإسلامي ليتعاون ويتفاعل مع أجهزة دولهم الأمنية لمنع سفك دماء المزيد من الضحايا وللمضي قدماً في مسيرة التاريخ ومنطقه.
drwahid@email.com