الآن حصل الديمقراطيون على مالا يحلمون به: (الكونجرس ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض). وحصل الملونون على ما لم يحلموا به: واحد من بني جلدتهم رئيسا للولايات المتحدة. ورأى المتعصبون شيئا لم يكونوا يتصورونه: أمريكيا من أصل إفريقي سيكون في البيت الأبيض. أمريكا على مشارف مستقبل جديد، كيف هذا الانتخاب أثر على الناس خارج أمريكا وداخلها؟، وثمة سؤال آخر: كيف يجير نجاح حملة أوباما الانتخابية (الناجحة بكل المقاييس) إلى رئاسة ناجحة، يتمثل فيها تفعيل المبادئ وتحقيق الوعود؟ كابوس بوش، الذي جثم على صدر أمريكا، بل والعالم، يوشك أن يرفع وينزاح ليتنفس العالم الصعداء ويعود إلى وضع أفضل مما كان عليه.
في نيروبي، كينيا، أعلن الرئيس الكيني أن يكون يوم الخميس، التالي لفوز أوباما، عطلة وطنية، وذكر الرئيس كيباكي أن فوز السيناتور بالرئاسة الأمريكية يعتبر انتصارا لكينيا بسبب جذوره فيها. ويقول نيلسون مانديلا: (نصرك أثبت أنه يجب ألا ييأس شخص ما في الرغبة في أن يجعل العالم مكاناً أفضل مما هو عليه اليوم). أما برافدا الروسية فتذكر، بشيء من الانفعال (أن عهد بوش كان أسوأ عهد وبانتخاب أوباما فإن الأمريكيين لديهم الرغبة في العودة إلى المجتمع الدولي، فمرحباً بعودتهم). ويقول الرئيس الفرنسي ساركوزي (بانتخابك اختار الأمريكيون التغيير والانفتاح والتفاؤل).
وفي لندن، يقول أحد المسؤولين في منظمة الحركة السوداء: (لم نحلم أن نرى في حياتنا ما حصل في أمريكا، ونأمل الآن أن نرى رئيس وزراء أسود في بريطانيا)، هل سيساعد ما تمخضت عنه الانتخابات الأمريكية تقوية العلاقات بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة؟، ربما. فوز أوباما سيساعد على تقوية العلاقة مع كل العالم: شرقه وغربه، الجميع مهتمون والناس يريدون التغيير.
بكل تأكيد إن خط ميسون - ديكسن، قبل الحرب الأهلية الأمريكية اشتهر كخط حدودي فاصل بين الولايات الشمالية المحررة للرقيق والولايات الجنوبية المعارضة لذلك، توغل التأييد لأوباما في الانتخابات الرئاسية لتتحول الولايات (الحمراء) الجمهورية، جنوب الخط، إلى ولايات (زرقاء) ديمقراطية. وحضر مليون من المؤيدين للرئيس المنتخب حفل الاحتفال بالفوز في (الجراند بارك) في مدينة شيكاغو، ذلك المليون من البشر ذي الأطياف المتنوعة، عرقيا وجنسيا وديموغرافيا.
لم يكن من المتوقع أن الحقوق المدنية التي إلى عهد قريب نسبياً، في عصر جونسون، خلال 43 عاماً تتطور إلى انتخاب أسود، ثم ليس هذا فقط، بل حصل على تأييد عظيم، لقد تجاوز عدد المصوتين 136 مليونا حصل أوباما على ما يربو على 53 في المائة منهم. وعلى الرغم من الفورة المصاحبة للحملة الانتخابية وما تمخض عنها، هناك ما هو (مخز) ضمن بعض البطاقات الانتخابية: (التصويت على إباحة الزواج من نفس الجنس) في ولاية كاليفورنيا، و(عدم تجريم بائعي الجنس) في مدينة سان فرانسيسكو. وبعد الانتخابات وبعد تسلم الرئيس المنتخب للسلطة سيقول المصوتون: إن لم تعالج القضايا الأساسية (الاقتصاد في مقدمتها): حصل التغيير ولم يحصل التغيير الذي كنا نتوقعه.والسؤال المهم المطروح في الساحة الأمريكية: هل سوف تعالج القضايا عبر الفئات والأطياف في المجتمع الأمريكي؟ ثم من ضمن النصائح التي يمكن أن توجه إلى الرئيس المنتخب: التوجه للوسط والبقاء فيه. وأوباما في خطابه بعد انتخابه كان متفائلا ولكنه كان واقعياً في الوقت نفسه، فيذكر أن الطريق طويل وشاق وقد لا نصل في سنة أو في فترة رئاسية، ولكنه يقول: (أعدكم أننا سوف نصل). ومن خلال خطابه: هل تراه يتكلم باسم حزبه أو باسم الناس أو من خلال قضايا مجتمعه الشائكة؟
ولو حاولنا تذكر الخطاب الإجمالي لكل من أوباما ومكين في ختام حملتيهما الانتخابيتين فلن نجد تغيرا كثيرا مقارنة ببدايتهما، مكين كان يقول في حق أوباما أنه مع رفع الضرائب ويلوح بالعلم الأبيض، فيما يتعلق بالصراعات الدولية وبالورطات الأمريكية في عدد من مناطق العالم. وأوباما كان يركز على ضرورة التغيير ويسأل الناخبين: هل أنتم أحسن حالا خلال الأربع سنوات الماضية، بل خلال الأربعة أسابيع الماضية؟ وقبل يوم واحد من تاريخ التصويت العام، يذكر أوباما بأنه على قناعة تامة عندما يكون الناس معه ستكون الأصوات أكثر قوة وتأثيراً وأفضل من الهجمات السياسية الشرسة ومن واقع واشنطن الراكد الآسن.