تقلقني كثيرا حال تلك الأحياء العشوائية في أغلى بقعتين في بلادنا الحبيبة بل في العالم أجمع (مكة والمدينة)، وبخاصة أن تلك الأحياء قد تستخدم - لا قدر الله - كمخلب قط لمن تسول له نفسه الإضرار بهذا البلد الكريم، والحاقدون علينا كثر سواء من داخل المنطقة العربية أو من خارجها.
في اعتقادي، أن هناك العديد من المخاطر الأمنية والصحية والاقتصادية والاجتماعية التي يتكبدها وطننا الغالي من جراء استمرار تلك الأحياء العشوائية، وتكاثر ساكنيها، فالجميع يعلم ما يعانيه ساكنو تلك الأحياء من أحوال اقتصادية ومعيشية متدنية مما يجعلها عرضة لمختلف أنواع الأمراض كالإيدز وأمراض الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض، كما أن تدني مستوى التعليم لساكني تلك الأحياء قد يدفعها للمشاركة في مختلف أنواع الجريمة كجرائم تزوير العملة وجرائم الدعارة وجرائم السرقة وغيرها، إضافة لذلك فإن بقاء ساكني تلك الأحياء العشوائية بدون هوية يعني عدم توافر سجلات لهم وهو ما يمثل هاجس مقلق لأجهزة الأمن في المملكة، و أخيرا فإن الهاجس الأهم والخطر الأكبر - في نظري - هو إمكانية استخدام تلك الفئة في يوم من الأيام كورقة ضغط من قبل بعض الجهات الحاقدة على المملكة، ومما يزيد الأمر خطورة وجود تلك الفئة بأعداد كبيرة بالقرب من الحرمين الشريفين.
إن وقوفنا مكتوفي الأيدي طيلة هذه العقود دون علاج لوضع هذه الفئة في ظل تكاثرهم وتوالدهم قد لا يتفق مع المستقبل الأمني الذي تحرص عليه الدولة لمكة المكرمة والمدينة المنورة، كما أن من الأسباب الداعية إلى الإسراع في حل المشكلة هو توجه الدولة لتوسيع نشاط العمرة وفتح المجال لملايين المسلمين، والتوسع في المشاريع العملاقة في المنطقة المركزية في المدينتين المقدستين، فقد لا يكون من المناسب تواجد تلك الأحياء العشوائية الخطرة وسط تلك المشاريع العملاقة التي أنشأتها حكومتنا الرشيدة - حفظها الله -، ومما يزيد الأمر سوءا أنه قد أصبح لدى قاطني تلك الأحياء العشوائية تنظيمات وتشكيلات اجتماعية مغايرة للمجتمع السعودي، وبرامج تعليمية خاصة بهم، وأسواق وأماكن لأفراحهم وأتراحهم، وأصبح السعودي فيها غريب الوجه واللسان.
وطالما أن الدولة تعيش حاليا ولله الحمد رخاء اقتصاديا، فإنني أقترح بحث مسألة تنظيف المدينتين المقدستين من تلك التجمعات العشوائية الموبوءة وذلك من خلال إنشاء ضواحي معتمدة من البلدية على أطراف مكة المكرمة والمدينة المنورة أو خارجها تتولى الإشراف عليها وزارة الشؤون البلدية والقروية بحيث يكون السكن متوفر حينما تزال تلك الأحياء العشوائية.
وتزامنا مع العلاج الداخلي لهذه الفئة، فقد ترى الدولة - أعزها الله - استمرار التحرك في الجانب السياسي المتمثل في التواصل مع السلطات الرسمية للدول التي ينتمي إليها ساكنو تلك الأحياء العشوائية، وقد يكون من المناسب توجيه مجلس الغرف التجارية السعودية لبحث إمكانية توجيه الشركات السعودية العملاقة لإنشاء مشاريع اقتصادية كبيرة في الدول التي ينتمي إليها ساكني تلك الأحياء العشوائية واستخدام ذلك كورقة اقتصادية من أجل تليين موقف حكومات تلك الدول تجاه هذه القضية.
ختاما، أدرك بأن الدولة - رعاها الله - تحمل هم هذه القضية والمتمثلة في الأحياء العشوائية التي أصبحت ملاذا ومأوى لتلك الفئة من مجهولي الهوية، كما نعلم أن الدولة قائمة على البحث عن أفضل السبل لحل هذه الإشكالية، ومن هذا المنطلق وددت أن أدلي بدلوي من حيث طرح ما أراه ملائم وهو بمثابة الأمانة في الرأي تجاه وطننا الحبيب.
Dralsaleh@yahoo.com