تدهم السيول شوارعنا بمكعبات تعد لا شيئا بمقاييس المطر عالمياً..
فنفاجأ ونحن المدن الصحراوية، الظامئة للمطر التي يزورها القطر في المواسم المتباعدة..
نفاجأ بأن المطر يدهم البيوت ويخرج التلاميذ من فصولهم الدراسية إذ تستحيل طاولاتهم الدراسية وكتبهم إلى كائنات بحرية تعوم في الماء!
ويحتجز المطر معلمات مسافرات نحو مقار أعمالهن تتهددهن مديرتهن بوضع الخط الأحمر فيغامرن ويركبن الخطر ويقتحمن المطر حتى لا يحسم عليهن ويسجلن في دفتر التأخير!
** شوارع تغرق السيارات في بحيراتها وتتعطل وتتوقف تنتظر رافعات المرور.
** قوارب الدفاع المدني تجوب البلاد، تنقذ المتنزهين الذين لا يملكون بوصلة تهديهم إلى حيث مواقع الأمان.
يدلفون نحو بطون الأودية، يستقبلون (الشعبان) بأطفالهم ونسائهم وتنتهي بهم النزهة إلى التشبث بقوارب الدفاع المدني المطاطية بحثاً عن النجاة!
** كل جهاز في الحكومة يعمل منفرداً.. ليس ثمة أي اتصال فعال يجعل من الأجهزة العامة منظومة تخدم المواطن..
الأرصاد الجوية والبيئة لا تخاطب الجهات المعنية بالطلاب والموظفين وتبلغهم عن موجة مطر شديدة تغشى البلاد فعليهم تحذير منسوبيهم وتوجيههم التوجيهات المناسبة.
كالسماح للعاملين في المناطق النائية بالتغيب في يوم مطير، فالصلاة تجمع وتقصر في المطر فما بالنا باليوم الدراسي.
خروج الطلاب والطالبات في وقت مبكر حتى لا تتفاقم الطرقات بالزحام فيضيق المرضى ويتباكى الأطفال وهم يقضون أكثر من ثلاث ساعات في زحام الطرقات في مدينة عظيمة مثل الرياض التي تتحول طرقاتها في أيام المطر إلى أفاعٍ تتبارى بلدغك بزحامها وأصوات منبهات سياراتها وغضب سائقيها من شتى جنسيات الأرض حتى كأنك في كرنفال بشري يسبح تحت الماء فتظهر كل اعتواراته الثقافية التي ظلت المدينة بوقارها تدثره تحت الأصباغ التي أذابها الماء فجأة!
** أما البلديات والأمانات.. فالمطر هو عدوها العظيم، هو كاشف عوراتها وهادم لذاتها..
** في القاهرة وعلى الرغم من كل الزحام وسوء الخدمات التي ممكن أن تواجهك فيها إلا أن المطر يختفي من أغلب شوارعها في لحظات..
لأن (الإنجليز) أخلصوا في تنفيذ مشاريعها وتأسيس بنيتها التحتية..
في مدننا.. تضع الدولة موازنات باهظة وتصرف بسخاء على كل ما يجعل حياة المواطن هانئة ويسيرة، لكن عاهتنا الكبرى تكمن في التنفيذ.
** هل ترون جموع العمالة السائبة على حواف بعض أحياء الرياض.. عمالة فردية تعمل لحسابها الخاص بأقل الأسعار وأدنى المهارات.
إن نهاية مشاريعنا تكون على أيديهم لأنها في آخر المطاف توكل إليهم، تصل إليهم من باطن إلى باطن إلى باطن.. حتى تنتهي بغرق المدن في مكعبات مطر لا يتجاوز ارتفاعها ثلاثة أو أربعة.
** المطر.. لم يعد رائحة نتتبعها بحدسنا البدوي، ونغني له السامريات ونشيل على وقعه الشيلات في ليل الصحراء لم يعد مجرد ناشي سحاب وكريم برق سرى..
إننا اليوم دولة.. لا بد أن تعي أجهزتها الحكومية وعياً تاماً، ثقافة التعامل مع المطر، التي تنطلق من وعي أكبر بثقافة الخطر!!
Fatemh2007@hotmail.com