نخطئ كثيراً عندما نعطي إنساناً أكثر من حقه ونرفع من قدره وهو لا يستحق ذلك فنظلمه ونظلم أنفسنا ونحن بفعلنا هذا نجعله يصدق أنه وصل إلى ما أثنينا به عليه، ومن تلك الأخطاء التي نقع فيها إطلاق لقب (الشاعر الكبير) على شاعر من الشعراء وهو ليس كذلك وقد اغتر بهذا اللقب الذي جعله يرى بنفسه إلى درجة العجب والاغترار.
والحكم على أي أديب أو شاعر لا بد أن يصدر من أهل المعرفة والبصيرة من الأدباء الكبار الذين لهم باع طويل وخبرة في مجال الأدب ومشهود لهم بذلك فهم أدرى منا بهؤلاء، لا من عامة الناس الذين لا يعرفون شيئاً عن الأدب إلا اسمه، فقط هم مجاملون غير مدركين لعاقبة المجاملة المضرة للممدوح المسكين الذي غره مدح المداحين الذين لا يفقهون وبالأدب جاهلون وللغث والسمين لا يميزون، أولئك الذين لو تأملنا في شاعرهم الكبير كما يقولون ولهذا اللقب الذي هم عليه مطلقون لوجدنا أنه ليس كذلك بل بعيد كل البعد عنه، نعم قد يكون شاعراً ويجيد نظم القصائد وصوته جميل لكنه لا يصل إلى مرتبة الشاعر الكبير فهذا لقب من الصعب إطلاقه على أي شخص خاصة في هذا الزمان الذي قل فيه من يتصف به بسبب كثرة الدخلاء على الأدب من مدعي الشاعرية، والمطلوب منا إذا أردنا أن نقيم شخصاً التأني في حكمنا على كل قول يصدر منه فلا نستعجل في إصدار الأحكام حتى نتأكد من أنه متميز وشعره قمة في الروعة والإتقان ومحقق للمقومات والشروط التي تجعله من الكبار ومن ثم من الممكن أن نقول عنه إنه منهم قولاً وفعلاً، وإن تركنا ذلك لأهله فذلك حسن وهو الأصل، وهذا من باب العدل والإنصاف ووضع الشيء في موضعه، فأعطوا كل ذي حق حقه ولا تصرفوا الألقاب لمن لا يستحقها فتظلموهم وتظلموا أنفسكم، وكونوا من المقسطين في أقوالكم وأفعالكم وهذا هو المنهج القويم.
صالح بن عبدالله الزرير التميمي
الرس- ص. ب. 1300
abuabdulh58@hotmail.com