في ظل المتغيرات المعاصرة وما يشهده العالم من تطورات كبيرة قللت من الاهتمام بالدراسات الإنسانية وجعلتها تدخل في دائرة ضبابية غير واضحة المعالم يشهد على ذلك ما حدث هنا في المملكة من إغلاق بعض أقسام العلوم الإنسانية مثل قسم التاريخ أو دمجه مع قسم آخر في بعض الجامعات السعودية.
ولكي تستطيع هذه المواد الإنسانية مجابهة مثل هذه التطورات فإنها تحتاج إلى إعادة النظر في كل ما يتعلق بها ابتداءً من المحتوى وانتهاءً بطريقة التدريس. فيما يخص المحتوى الملاحظ أن التركيز عادة ما يكون على تقديم معلومات مبتسرة فمثلاً في التاريخ يتم الحديث عن الدولة العربية الإسلامية ابتداءً من قيامها في عهد النبوة إلى سقوطها وما حصل بعد ذلك دون الاهتمام بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية، ودون إبراز للجوانب الحضارية التي شهدها التاريخ العربي الإسلامي.
ثم هناك تقديم معلومات مختصرة عن الدولة العثمانية بما لا يقدم أي فائدة للدارس، قياساً بالفترة الزمنية والمساحة المكانية لهذه الدولة وجوانبها الحضارية والاقتصادية وعلاقتها المتنوعة شرقاً وغرباً.
ثم الإهمال الواضح لتاريخ الشرق عامة رغم ما فيه من حضارات قديمة، وما هو عليه من تقدم ملحوظ ومعروف مثل الصين وكوريا واليابان والهند. إذاً فإننا بحاجة إلى أن نعيد النظر في محتوى المواد التي تدرس في العلوم الإنسانية.
وفيما يخص التدريس: يقوم المدرسون عادة بتقديم المعلومات، ونحن بدون شك نحتاج إلى عملية تأهيل دقيقة لكيفية القيام بتدريس المواد الإنسانية ونستمد ذلك من تجارب دول متقدمة في هذا المجال بحيث نتلمس الكيفية التي يدرسون بها هذه المواد، وكيف أنهم يتواصلون مع هذه المواد بشكل عملي ويحببون المتلقي بها.