Al Jazirah NewsPaper Wednesday  19/11/2008 G Issue 13201
الاربعاء 21 ذو القعدة 1429   العدد  13201
عنيزة.. لؤلؤة بين النفود والصحارى
أحمد بن عبدالعزيز الركبان

في يوم الخميس الثامن من ذي القعدة.. دعينا من أخوة أفاضل في محافظة عنيزة بالقصيم.. ممن لهم مكانة بين أبنائها الكرام.. وقد مررنا في طريقنا على سد المجمعة الشهير.. الذي كان يعاني من تجريف السيول في ذلك اليوم.. على غير المعتاد..

(محمد وماجد وعبدالمجيد الأخوة الذين كانوا في رحلة عنيزة) شهدوا ما لم يشاهدوه من قبل.. وأميرنا في الرحلة (محمد).. يسيرنا وفق الأجواء والطقوس الربيعية في ذلك اليوم.. السد في المجمعة منظره خلاب.. والمياه تغمره بسرعة شديدة.. والمكان مليء بالجهات الأمنية.. من المحافظة والدفاع والشرطة والمرور والهيئة ورجال الإعلام.. إلى أن وصلت الطائرات المروحية التي يعلو واحداً منها معالي الفريق سعد التويجري ومسؤولون كبار في الدفاع المدني الذين أتوا بتوجيه كريم من سمو أمير المنطقة وسمو نائبه وسمو محافظ المجمعة أميرها أبو سعود.. أولئك يتحسبون لأي طارئ لا سمح الله؟

ذهبنا متجهين لعنيزة.. والخوف يخالجنا على أهل المجمعة الكرام من شدة السيول الجارفة على ذلك السد العتيق الذي تجاوز عمره أربعين عاماً؟ وبسبب السيول لم يتمكن المقاول من الانتهاء من السد الجديد.. فشاء الله سبحانه وتعالى أن يأتي بالسيل.. مما نتج عنه هدم جزء كبير من مصدات السد الجديد..

في طريقنا إلى (عنيزة) عبر السريع مروراً بالغاط كان عبدالمجيد يقود المركبة بإتقان لأن السيول غمرت الطريق بكل جوانبه.. حينها لم تبخل علينا أم عبدالرحمن والدتنا الجامعة والكريمة حرسها الله.. بكل أنواع المأكولات والمشروبات من الشاي والقهوة والحلويات والمرطبات.. لكن الأجواء لم تسعفنا في الرحلة للاستئناس بطهي أم عبدالرحمن المؤنسة..

وصلنا (عنيزة) تلك المدينة الجميلة.. ولم نجد طريقاً مغلقاً من السيول كبعض المدن؟ ذهبنا إلى منزل عبدالرحمن العجلان أحد أعيانها الكرام وتناولنا الإفطار فيه.. مائدة جميلة تحمل أنواع المرطبات والخبز والمشروبات.. عمل منزلي فريد صنعته أنامل أم سعود حماها الله.. هكذا هن النساء البارعات..

تجولنا في عنيزة بمعية الأستاذ عبدالرحمن.. أودية وشعاب وأمطار جميلة.. إلى أن وصلنا مكان ضيافة محافظة عنيزة والبلدية في نفود جميلة يدنو منها الغضا.. أعدت للضيوف والأهالي.. تبعد عن عنيزة 11 كيلو.. كان في استقبالنا محافظ عنيزة المهندس مساعد السليم.. وكان معه رئيس البلدية ونائبه وعدد من المسؤولين وأهالي عنيزة ورؤساء الأقسام في البلدية.. وضيوف أكارم فضلاء.. تناولنا الغداء الجميل برجاله الحاضرين.. في ذلك المكان الرومانسي المميز.. والذي يحتويه (براكسات) نوم مجهزة للضيوف بصورة رائعة.. وخيام جميلة يتوسطها (الوجار الناري) المهيب.. إضافة إلى دورات مياه نظيفة وبكل مستلزماتها.. ومطبخ وساحات ومجلس في تلك الخيمة الكبرى.. (أدينا الصلاة جمعا وقصرا؟) وكان الترحيب وحسن الاستقبال يطغى على محافظ عنيزة وزملائه.. الذين شرحوا لنا ما هي عنيزة الحاضر والمستقبل.. وكل شيء ذكروه عن عنيزة سبق لنا وأن اطلعنا عليه في جولتنا الصباحية.. بمعية الأخ عبدالرحمن العجلان..

غادرنا المكان لإكمال رحلتنا في عنيزة.. وشاهدنا مشتل (الغضا) الذي يقوم عليه مواطن متبرع محب لهذه الشجرة.. والتي أصلا كانت محافظة عنيزة يوزعون على الزائرين شتلة من أنواع الغضا يغرسونها في النفد.. كذكرى واستئناسا لهذه الشجرة وأهميتها.. المواطن المتبرع شرح لنا ماهية هذا المشتل الذي يعلوه خزان مياه كبير لسقيا الغضا بالتنقيط ساعده فرع وزارة الزراعة بعنيزة مشكورين.. شيء جميل من أبناء عنيزة..

تجولنا في (العوشقيّة) التي يصعب على من مثلي نطقها! والتي كانت مليئة بالمياه.. فكأنك على جسر الملك فهد المؤدي إلى البحرين.. ثم انتقلنا إلى المسجد القديم الذي تجاوز عمره ربع قرن أصر المحافظ أن نصلي فيه المغرب والعشاء جمعا.. ولك أن تتخيل المصلين من الأجداد الكرام الذين تشرفنا بتقبيل رؤوسهم.. إنها الحياة.. إنه التاريخ.

عنيزة.. في قبضة أميرها فيصل وسمو نائبه.. ومن هو فيصل.. إنه الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة القصيم.. هو المجد هو الشباب والحيوية هو الأمل.. لم يدع لأحد أن يذوب النجاح فيها.. وقف مع محافظها وأهلها.. شد على أيديهم.. صنع لهم النجاح.. دعمهم مادياً ومعنوياً كباقي محافظات القصيم.. وتحولت عنيزة إلى لؤلؤة تقبع بين النفود والصحارى.. عنيزة مدينة العلم والعلماء.. هي من احتضنت الشيخ محمد العثيمين رحمه الله.. هي من تذكرنا بالشيخ في ذلك المبنى الخيري المسمى باسم الشيخ رحمة الله عليه.. عنيزة.. تذكرنا بالماضي التليد في ذلك السوق الجميل الذي يذكرنا بالجنادرية..

استقرت رحلتنا في عنيزة في تلك الخيمة الجميلة بعيد صلاة العشاء.. والتي فيها جمع من شباب عنيزة والقصيم.. يتناولونك واحداً تلو الآخر بالدعوة التي كنا وإياهم في مأدبة الشوي بأنواعه.. أعدها عبدالرحمن العجلان.. والجميل فيها أنس أهالي القصيم.. (وأبو سليمان) الشاب الفكاهي الجميل بروحه وحسه.. يملك خبرات جميلة.. أطرفها علاج الشعر بالزيت الهندي.. الذي لم يهده إلى البعض منا.. المصابين بالصلع المبكر وأنا أحدهم.. فهل سيعالجنا أبو سليمان لا أدري؟

عنيزة كرم وكرماء.. عنيزة تجلب السياحة والسياح وصانعوها من رجالات الأعمال.. حدائق وأرصفة خضراء وغناء.. مواقع سياحية.. ومشروعات تجارية.. طرقات جميلة.. تخطيط عمراني جميل.. لم تأتِ تلك إلا بهمم الرجال.

لم ينقص عنيزة سوى طيور آسيا بألوانها الجميلة.. فهل سيأتي الوقت لنرها تغرد في أشجار عنيزة.. الله أعلم.

-إعلامي



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد