يمكن أن يعيد التاريخ نفسه, والإعادة تلك ترتبط عادة (بحاجات الناس), فعلى سبيل المثال: إذا ضعف مستوى التكنولوجيا في بلد ما فإن أساليب الحياة تتراجع إلى ما قبل معرفة التكنولوجيا, حيث نرى أن الأدوات البدائية تصبح ذات أهمية عالية في تحقيق حاجات المجتمع, والقرى النائية مثال حي على ذلك. وإذا ما عدنا إلى الصومال بوصفها دولة تراجعت للخلف سنوات عديدة, بفعل الحروب المتواصلة والصراعات الداخلية وانحسار المعرفة, فإن القرصنة البحرية التي تخطاها التاريخ, نراها تنبعث في مياه الصومال كتحرك رجعي, حيث يعود (القراصنة) من جديد بصورة يعكسون من خلالها الانحدار التاريخي الذي وصل إليه الصومال. إن حدث اعتراض حاملة النفط العملاقة (نجمة الشعرى: سيريوس ستار) التي قام بها عدد من القراصنة الصوماليين مؤخراً لا يمكن أن نعده حدثاً سياسياً أو اقتصادياً, وإنما هو حدث بدائي يتعلق بموضوع الحضارات، خرج من رحم دولة باتت تعيش في عصر القرون الوسطى. وعندما نتجاوز مضمون الحدث بوصفه سرقة غير شرعية فإننا يمكن أن نعد (عنوانه وشكله وطريقته) مثالاً حياً لكل دولة تتأخر عن التنمية ومواكبة العصر, حيث يتكرر معها تفاصيل سلبيات التاريخ القديم، فتظهر الدولة كما لو أنها في القرن الرابع عشر الميلادي. إنّ القرى النائية في الوطن العربي لا تبعد كثيراً عن بث ملامح تاريخية قديمة, فليس بالضرورة أن يخرج منها قراصنة, ولكن قد يخرج منها نماذج سلبية من العهد القديم, مثل: الجهل بالتكنولوجيا, وضعف استيعاب الجمال, وانحسار الفن الراقي, وضعف ملكات الإبداع, وضيق الأفق الحضاري ... إلخ.
Ra99ja@yahoo.com