الرياض - عبدالله الحصان
(القشة التي كسرت ظهر البعير) كان يمكن أن يكون عنواناً لكثير من المواد الصحفية التي تتلهف لمصير الموقف الحكومي الأمريكي من مجموعة سيتي جروب وخسائر أصولها العالية التكلفة التي يبلغ حجمها 306 مليارات دولار في أضخم صفقة إنقاذ حتى الآن لبنك أمريكي منذ بداية الأزمة الاقتصادية العالمية, وأمس تبين بجلاء هذا الموقف ليحول القشة إلى مركب حصين ضد أمواج الخسائر العاتية فقد وافقت الحكومة الأمريكية على تحمل معظم الخسائر المحتملة من الأصول المالية للمجموعة بالإضافة إلى ضخ رأس مال جديد قدره 20 مليار دولار فضلاً عن 25 مليار دولار قامت بالفعل بضخها في البنك.
الأسواق الآسيوية والناشئة استجابت بشكل جلي لفوز سيتي جروب بخطة الإنقاذ، واعتبر المحلل المالي الأستاذ محمد العمران أن خطة الإنقاذ الحكومية الأمريكية لبنك سيتي قروب أعطت إيجابية في تعاملات السوق يوم أمس معتبراً هذه الإيجابية مغلفة بالحذر، ورأى العمران أن المحك الرئيس لمدى تأثر السوق السعودية والأسواق العالمية بخبر دعم سيتي جروب سيتحدد باستجابة الأسواق الأمريكية لها، وقال ل(الجزيرة): إن إعلانات بعض الشركات المدرجة بالسوق التي اتسمت بالإيجابية أثرت كذلك على تعاملات يوم أمس وحققت شيئاً من التحسن.
وقلل العمران من اعتبار البعض أن السوق وصل لمرحلة القاع، مبيناً أن السوق من الناحية الزمنية لم يصل للقاع حتى الآن لأن الجميع بانتظار إعلانات الربع الأخير من هذه السنة.
وفي الوقت الذي يشتكي المتداولون في سوق الأسهم المحلي من أزمة ثقة فقدت خلالها الأسهم خلال يومين خسائر بالنسبة القصوى 10 تقريباً جاء خبر تخفيض مؤسسة النقد للريبو واحتياطيات البنوك لينعش جزءاً من أداء السوق المشلول بعد أن وصل مؤشر السوق إلى 4264 نقطة، كشف اقتصاديون خلالها عن تأثره بعمليات تسييل ضخمة على خلفية قروض البنوك، وقال المحلل الاقتصادي المعروف طلعت حافظ تعليقاً على أداء السوق الإيجابي في تداولات الأمس: إن سوق الأسهم الآن بات فرصة لإعادة بناء المحافظ للمستثمرين ودخول مستثمرين جدد يبحثون عن الفرص الاستثمارية، مشيراً إلى أن تخفيض سعر الإقراض ونسبة الاحتيطيات التي أعلنت مؤخراً دعمت سوق الأسهم وساعدت بتوفير السيولة مما أعطى اطمئناناً أكبر للمستثمرين للدخول بأموال جديدة، وقلل طلعت حافظ من تأثر أداء سوق الأسهم بخطة إنقاذ بنك سيتي جروب، مشيراً إلى أن أوضاع الأسعار التي وصل إليها سوق الأسهم باتت فرصة بغض النظر عن تأثير الخطة الأمريكية لإنقاذ مجموعة سيتي جروب، واستغرب حافظ ممن يبالغون في مفهوم العولمة الاقتصادية وأن التأثيرات تشمل جميع الدول في حال تأثر دولة اقتصادية كبيرة كما حدث بأمريكا، معتبراً أن ما يجري الآن في اقتصاديات العالم عولمة غير منضبطة وأن لا وجود لارتباط مباشر بين سوق الأسهم السعودي وسوق الأسهم الأمريكي، مضيفاً أنه وعلى الرغم من وجود بوادر الارتفاع في أداء السوق السعودي إلى أن هناك تشوهات هيكلية يعيشها السوق حيث لا يزال ما يقرب من 90% من المتعاملين بالسوق هم أفراد.
وطالب حافظ استحداث شركات كبيرة للاستثمار في السوق بشكل جيد بعيداً عن المضاربة ويكون البعد الاستثماري فيها كبيراً، مشدداً على ضرورة زيادة مساهمة الأذرعة الحكومية كصندوق معاشات التقاعد وصندوق التأمينات الاجتماعية وغيرها بأن تدخل بالسوق وتزيد من استثماراتها كي تعطي فرصاً أكبر لتوازن السوق.
وتأتي صفقة إنقاذ سيتي جروب لتزيد من أعباء الحكومة الأمريكية لإنقاذ النظام المالي وذلك بعد إنقاذ مجموعة التأمين الأمريكية ايه.آي.جي وبنك بير ستيرنز وشركتي الرهن العقاري فاني ماي وفريدي ماك وضخ رؤوس أموال بمئات المليارات من الدولارات في بنوك ومؤسسات مالية أخرى.
وعرضت الحكومة أكثر من تريليون دولار من أموال دافعي الضرائب للخطر. وتسعى أكبر ثلاث شركات أمريكية لصناعة السيارات للحصول على مليارات الدولارات لتفادي شبح الإفلاس.
ويأتي كل هذا بالإضافة إلى خطة تحفيز اقتصادي أمريكية هذا العام وخطة أكبر ينتظر أن تقترحها الحكومة الأمريكية الجديدة ربما تتراوح قيمتها بين 500 مليار و 700 مليار دولار.