الكويت - «الجزيرة»
دعا تقرير دول مجلس التعاون أن ترسم إستراتيجياتها التنموية وفقاً للأسواق المالية والاقتصاديات العالمية.
وقال تقرير (جلوبل) إن الاضطرابات المالية العالمية وارتفاع أسعار النفط تسببت في تباطؤ نمو الاقتصاديات العالمية المؤثّرة، مما أدّى مباشرة إلى تباطؤ أنشطة الصناعات التحويلية العالمية الكبرى نتيجة المخاوف المتعلّقة بالعرض والطلب.
كما أدّى الإعلان عن أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة إلى إفلاس واندماج المؤسسات المالية والاستثمارية الكبرى. وقال (جلوبل): نتيجة لذلك راجعنا توّقعاتنا بشأن الطلب على النفط الخام المكرر بعد أن قدّرناه في توّقعات سابقة بأن ينخفض من مستوى 32.1 مليار برميل (ما يوازي 89.2 مليون برميل يومياً) إلى 31.9 مليار برميل (بواقع 88.6 مليون برميل يومياً).
وتابع التقرير: وفقاً للشركة العربية للاستثمارات البترولية فإن حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحتاج إلى استثمارات بقيمة 243 مليار دولار أمريكي لتنفيذ مشروعاتها التنموية والتوسعيّة في سلسلة إمدادات النفط والغاز كما تحتاج منها إلى 153 مليار دولار لتنفيذ المشروعات التكميلية. ويدّل ذلك على أنّ نيّة حكومات المنطقة تميل إلى تطوير القطاع التكميلي مما سيساعد المنطقة على تنويع اقتصاداتها وتقليص اعتمادها على إيرادات النفط الخام.
حالات التأخير
والانسحاب المتوّقعة
وبحسب التقرير فإن أزمة قروض الرهن العقاري ذات التصنيف الائتماني المنخفض أدت إلى قيام حكومات المنطقة بإعادة النظر في مشروعاتها التطويرية مما يمكن أن يسفر عن تأخير تنفيذ هذه المشروعات أو الانسحاب منها خاصّة مشروعات القطاع التكميلي. ويعزى ذلك بصفة أساسية إلى تراجع الطلب العالمي على النفط ومخاطر زيادة المعروض من بعض المنتجات مثل الأسمدة، والبتروكيماويات والمنتجات البترولية المُكررة. وكذلك انخفاض هامش الربح نتيجة لانخفاض أسعار النفط وثبات أسعار المواد الأوليّة.
ويري (جلوبل) أنّ احتمالات تأخير هذه المشروعات أو الانسحاب منها ترتبط في معظمها بالمشروعات المتمّثلة في المشروعات قيد التنفيذ المطروحة للمناقصة وتلك التي يتوّقع أن يتم تنفيذها بعد العام 2010 والتي ما زال موقفها غير واضح وتوّقع أن تبقى مشروعات الغاز الوسطى والتكميلية على حالها، إذ أنّ نقص البنية التحتية للغاز في المنطقة قد أدّت إلى استمرار الطلب على الغاز.
وجاءت توّقعات (جلوبل) بشأن تأخّر المشروعات التكميلية المتعلّقة بالنفط مدفوعة بالإجراءات التابعة التي اتخذتها أكبر شركتين للبتروكيماويات في المنطقة والحكومة السعودية مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي العالمي الراهن حيث أعربت (سابك) عن توقعها بالانتهاء مبكراً من تنفيذ مشروعات شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات، وشركة ابن زهر السعودية الأوروبية للبتروكيمياويات، كما أن الشركة لم تعلن عن أي تأخر في الطاقة الإنتاجية المرتقبة لشركة صناعات قطر خاصًة تلك التي تم تدعيمها بالاستثمارات. وقد أعلنت الحكومة السعودية عن تأجيل مشروع مصفاة ينبع والتي يتوّقع أن يبدأ تشغيلها في 2013 وقد صُممت مصفاة ينبغ لتكرير 400 ألف برميل من الزيت الخام يومياً.
قطاع المشروعات
النفطية الأولية
وبالنسبة لموقف حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تجاه تنفيذ مشروعات التطوير الهامّة في القطاع الأولي قال التقرير إنه إيجابي للغاية مع استفادتها من انخفاض تكاليف عمليات التطوير. وبالرغم من ذلك، فهي لا تستبعد احتمال تأجيل أو الانسحاب من المشروعات في الحقول النفطية ذات التكلفة العالية. ولا يمكن أيضاً أن تكون الجهود المبذولة من قبل حكومات المنطقة للحفاظ على ثبات أسعار النفط الخام مرتبطة بتأجيل أو إلغاء المشروعات الأولية، حيث إن التخفيض الأخير في الإنتاج النفطي يجري بصفة أساسية في الحقول القائمة. ونعتقد أنّ الموقف الإيجابي لحكومات المنطقة تجاه مشروعات النفط الأوليّة يعزى أساساً إلى الأسباب الآتية:
توافر الطلب الأساسي على النفط الخام والغاز. تحتاج الاقتصادات الآسيوية النامية مثل الهند والصين إلى النفط الخام والغاز بغرض ضمان استقرار نمو اقتصاداتها. ويتوّقع أن يرتفع الطلب المجمّع من الهند والصين على النفط والغاز بمعدّل سنوي مركب نسبته 2.4 و2.1 في المائة على التوالي خلال العامين 2007 و 2008 مقارنة بمعدّل النمو السنوي المركب للطلب العالمي البالغ 1.3 في المائة. والأهمّ من ذلك، تعتمد هذه الدول اعتماداً كبيراً على واردات الهيدروكربون من منطقة الخليج. ويعزى الطلب الكبير لهذه الدول على الهيدروكربون بصفة أساسية إلى حاجة هذه الدول إلى إمداد منشآتها الصناعية بالوقود. بالإضافة إلى ذلك، أدّى الطلب المتزايد على الكهرباء نظراً للتوسعات الأخيرة في القطاع الصناعي إلى تعزيز الطلب على النفط و الغاز.
وقال التقرير إن التنبؤات بعودة أسعار النفط الخام للارتفاع عن مستوياتها الحالية واستقرارها في حدود 75-80 دولاراً للبرميل، وأضاف: سيؤدي النضوب المتوّقع لاحتياطيات النفط الخام في الحقول النفطية الكبرى إلى انحسار تدريجي في معدّل إنتاج النفط الخام كما أنه سيؤثر على أسعار النفط الخام على المدى البعيد. ويتوّقع أن يظهر أثر نضوب احتياطيات النفط الخام في الحقول النفطية في العام 2011م. كما نعتقد أن الانخفاض في الإنتاج الذي حدث مؤخراً في حقول النفطية القائمة سيؤدي إلى وقف الإنتاج على المدى القصير. كما سيسفر ذلك عن توسيع الفجوة بين الطلب والعرض من 1.1 مليار برميل من في العام 2008 إلى 1.8 مليار برميل في العام 2009م. بالإضافة إلى ذلك، لا يمتلك العالم حالياً أي طاقة فائضة تسمح بتكرير البترول، لذا فإن أي حادث استثنائي مثل الأعاصير سيؤدي إلى زيادة تضخم أسعار النفط الخام في المدى القصير.
انخفاض تكاليف الاستكشاف
وأوضح التقرير بأن انخفاض تكاليف الاستكشاف سيجذب الشركات الأجنبية لزيادة أنشطتها الاستكشافية والإنتاجية في المنطقة. يتوقع أن تتراوح تكلفة الاستكشاف لبرميل النفط الواحد في المنطقة بين 5 و10 دولارات و هي أدنى بكثير عن تكلفتها في المناطق الأخرى في العالم.
وقد أدّت الزيادة السابقة في أسعار النفط إلى تسريع وتيرة الأنشطة الاستكشافية في دول المنطقة في الوقت الذي كانت فيه تكاليف الاستكشاف مرتفعة في دول أخرى مثل كندا، والمملكة المتحدة وأستراليا.
وتجرى معظم الأنشطة الاستكشافية والإنتاجية في هذه الدول، خاصّة كندا، في الزيت الحجري مما يتطلب مبالغ ضخمة من الاستثمارات الرأسمالية الأولية وهو ما يُعد مجدياً فقط في حالة ارتفاع أسعار النفط الخام. لذا، بقي متوسط تكلفة إنتاج البرميل الواحد في هذه الدول مرتفعاً مما أدّى إلى زيادة اعتمداها على الواردات أو مزاولة أنشطتها الاستكشافية والإنتاجية خارج حدودها وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط. ووفقاً للمسح الذي أجرته مؤسسة راندRAND، سوف يتراوح تكلفة إنتاج برميل النفط الواحد من مجمّعات الصخور الزيتية في غرب الولايات المتحدة وكندا بين 70 و 95 دولاراً وذلك بناء على مستوى فعاليّة استخراج النفط منها. علاوة على ذلك، تشير الدراسة إلى انخفاض تكاليف الإنتاج في هذه المجمّعات بنسبة تتراوح بين 30 و70 في المائة عندما بلغ أول إنتاج لها 500 مليون برميل يومياً.
ويتوّقع أن يسجّل معدّل إنتاج هذه المجمّعات انخفاضاً أكبر يتراوح بين 30 و40 دولاراً للبرميل مع بلوغ الإنتاج مستوى مليار برميل. وبالإضافة إلى ذلك، أعلنت شركة رويال داتش شل أن سعر البرميل في حقوله في كلورادو سوف يظل تنافسيا بسعر مقداره 30 دولاراً للبرميل. وتشير الدراسة التي أجرتها مؤسسة راند RAND أنّ تكلفة استكشاف البرميل الواحد في أستراليا تتراوح بين 11.5 و12.4 دولاراً.