كم كان المشهد مؤلماً ونحن نرى لاعبي منتخب الشباب، وقد أجهشوا بالبكاء، بعد أن أطلق حكم المباراة صافرة نهاية مباراتنا مع منتخب الإمارات الشقيق، وذهب إداريو ومدرب منتخبنا يواسونهم ويخففون عليهم من أثر الخروج من المنافسة، وكذلك مواساة لاعبي منتخب الإمارات لهم .. لقد كان هؤلاء اللاعبين يطمحون ويتمنون تحقيق هذا الحلم بوصولهم لنهائيات كأس العالم للشباب.
ومما زاد من هذا التفاؤل أن هذه التصفيات تقام على أرض المملكة وبين جماهيرها، فضلا ً عن الدعم الكبير والتشجيع المستمر من القيادة الرياضية في بلادنا، ممثلة بصاحب السمو الملكي الرئيس العام وسمو نائبه، كما أن إعلامنا تعامل مع هذه التصفيات بتفاؤل مفرط، وكأنّ المنتخب سيصل لا محالة لكأس العالم، وأنه من أفضل الفرق المهيأة لذلك .. ولكن دعونا وبعد أن هدأت العاصفة، نطرح هذا السؤال الكبير المهم بكل تجرّد، هل نحن مهيأون بهذا المنتخب للوصول لكأس العالم؟؟ وهل قدمنا ما يشفع لنا لتحقيق هذا الطموح؟؟ أعتقد من - وجهة نظري الخاصة - أننا لم نكن مهيئين لتحقيق هذا الحلم بعد.
فإقامة المعسكرات واختيار الجهاز الإداري والفني وانتقاء أفضل اللاعبين البارزين من الأندية، ليست كافية لتحقيق هذا الطموح.
فإذا ما أردنا أن ننافس بقوة ونقدم فريقاً قادراً على خوض مثل هذه المنافسات بكل كفاءة واقتدار، فإنّ هذا يتطلّب إعداد خطة وطنية طموحة للنهوض بالمنتخبات السنية في بلادنا المترامية الأطراف المملكة العربية السعودية.
فأعتقد من الأمور التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند إعداد هذه الخطة ما يلي:
أولاً : التأكيد على أهمية إدراج مسابقات الفئات السنية، التي يفترض أن تبدأ تحت سن 12 وتحت سن 14 سنة، على أن تكون من المسابقات الرسمية التي يتبنّاها الاتحاد السعودي لكرة القدم، بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم.
ثانياً : التوسع في مراكز تدريب الناشئين لكرة القدم في جميع مناطق ومحافظات المملكة، وتقديم الدعم الكافي لها بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم.
ثالثاً : إلزام الأندية الرياضية بالمشاركة في الفئات السنية تحت 12 سنة وتحت 14 سنة كشرط أساسي لتسجيل لعبة كرة القدم.
رابعاً : تكوين منتخبات المناطق في الفئات السنية خاصة تحت 14 سنة وتحت 16 سنة ودعمها.
خامساً : إقرار مسابقة لدرجة الشباب لأندية الدرجة الأولى على مستوى المملكة، وكذلك إقرار مسابقة لأندية الدرجة الثانية على مستوى المملكة، بحيث تكون لدينا ثلاث مسابقات لدرجة الشباب هي: (شباب الدرجة الممتازة - شباب الدرجة الأولى - شباب الدرجة الثانية )، وكذلك الحال بالنسبة لدرجة الناشئين تحت 16 سنة.
سادساً : التعاون مع القطاع الخاص بإقامة معسكرات سنوية في إحدى الدول الأوربية المتقدمة في مجال كرة القدم، بحيث لا تقل هذه المعسكرات عن شهرين متتاليين.
سابعاً : حث الأندية الرياضية على استقطاب أفضل الكفاءات التدريبية لتوليها مهمة تدريب البراعم والناشئين.
ثامناً : حث الإعلام الرياضي في جميع وسائله المقروءة والمرئية والمسموعة على الاهتمام بمسابقات الفئات السنية ودعم وتشجيع المواهب الواعدة.
تاسعاً : إعداد لوائح إدارية وفنية لتنظيم عمل الأكاديميات الرياضية في كرة القدم، وتشكيل فريق فني من قِبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم لمتابعة العمل وتقويمها والعمل بما يكفل بالنهوض بمستوياتها الإدارية والفنية.
عاشراً : استثمار لقاءات الأندية الجماهيرية بحيث تسبقها بعض المباريات المهمة في دوري الشباب والناشئين والبراعم، وذلك لتشجيع هذه المواهب على اللعب أمام الجماهير الغفيرة بكل ثقة واقتدار.
وأخيراً .. قد يكون لدى كثير من الرياضيين المتابعين العديد من الأفكار والمقترحات التي لم أتطرق إليها، ولكن حسبي في ذلك أني اجتهدت عطفاً على تجربتي المتواضعة في هذا المجال، متمنياً لمنتخباتنا السنية في مستقبل الأيام - بإذن الله - تحقيق الإنجازات التي تتناسب وتتوافق مع طموحات وآمال كل الرياضيين في وطننا الغالي المملكة العربية السعودية.