عرفة واد فسيح متسع الأرجاء، يجتمع فيه كل الحجاج، حجاج بيت الله الحرام في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة في كل عام، ويبعد عن مكة المكرمة بمقدار خمسة وعشرين كيلومتراً، ويوجد به جبل الرحمة ومسجد نمرة.
وفي كل عام يتوجه ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام إلى عرفات (عرفة) بعد شروق الشمس والصلاة فيها الظهر والعصر - قصراً وجمعاً - جمع تقديم بأذان وإقامتين.
وفي يوم عرفة، يوم التاسع من شهر ذي الحجة يستقبل الحاج القبلة ويكثر من ذكر الله والدعاء اقتداء بما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
قال تعالى {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَج عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أيام مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}
وقال سبحانه {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}
وقال - عز وجل - {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).
ومن ذكر الله: لا إله إلا الله الجليل الجبار، لا إله إلا الله الواحد القهار، لا إله إلا الله المطلع الستير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً، ونحن له عابدون ونحن له حامدون، ونحن له شاكرون، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير).
سبحانك أنت المستحق لكل حمد وذكر وأنت الجدير بكل ثناء وشكر وأنت أهل لكل إجلال وتقديس وأنت الخليق بكل طاقة وتمجيد، سبحانك أنت العظيم الذي عز شأنك، والرحيم الذي فاض على الوجود إحسانك، والغفور الذي شمل الناس غفرانك، سبحانك أنت الله الكبير الذي تواضع كل شيء لعظمتك، وذل كل كبير لعزتك، وخضع كل ما في الكون لهيبتك.
سبحانك أنت الحي القيوم الذي لا تدركك الأبصار ولا تسعك الأقطار.
سبحانك أنت الحليم الذي تقدست ذاتك وتباركت أسماؤك، ونزهت عن مشابهة الأمثال صفاتك.
سبحانك أنت الواحد الأحد، الفرد الصمد، الموجود بغير علة، وتنطق بوجودك كل الشواهد والأدلة.
سبحانك اللهم وبحمدك، أنت الخالق المبدع الذي دلت المخلوقات على وجودك، وبرهنت الآيات على قدرتك وشهودك.
سبحان الله ملء الميزان، ومنتهى العلم، ومبلغ الرضى، وزنة العرش، وما خلق في السماء وفي الأرض، وعدد ما بين ذلك، وعدد ما هو خالق، والحمد لله، والله أكبر، ولا إله إلا الله.
سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له، ذي الفضل والنعم، والمجد والكرم، خالق الإصباح رب المساء والصباح.
سبحان الواحد الأحد، الفرد الصمد الذي رفع السماء بلا عمد، وبسط الأرض على ماء جمد، وقسم الرزق، ولم ينس أحداً.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أقي بها نفسي وديني، وأهلي، ومالي، وجميع نعمي إلهي.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أمتنع بها من ظلم من أراد ظلمي من جميع خلق الله.
لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، أقصم بها ظالمي.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، استعين بها على محياي ومماتي وعند نزول ملك الموت بي.
لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، راجياً أن أثقل بها الميزان عند الجزاء، إذا اشتد خوفي.
حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم.
حسبي الله لما أهمني، حسبي الله لمن حسدني، حسبي الله لمن كادني بسوء، حسبي الله عند الموت، حسبي الله عند الصراط، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوقين، حسبي الذي هو حسبي.
وفي يوم عرفة يكثر الحاج من الدعاء بالمغفرة والعتق من النار، فقد جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء).
ومن دعاء يوم عرفة: اللهم احفظني بالإسلام قائماً، واحفظني بالإسلام قاعداً، واحفظني بالإسلام راقداً، ولا تشمت بي عدوا ولا حاسداً.
اللهم اجعل لي من كل هم وغم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل فاحشة ستراً، ومن كل عسر يسرا، وإلى كل خير سبيلا.
الهم قوِّني في ديني، وأعني على قضاء ديني، واجعل يقيني بك يقيني من كل شر، وإيماني بك يهديني إلى كل خير، ورجائي فيك يحفظني من كل ضر، إلهي هذا ضعفي وذلي ظاهر بين يديك، وهذا حالي لا يخفى عليك، أنت المعافي فعافني، وأنت الشافي فشافني، وأنت القوي فقوني، وأنت المعز فأعزني، وأنت الغني فأغنني، وأنت الرحمن الرحيم فارحمني.
إلهي يا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى، ويا شاهد كل نجوى، يا سامع كل شكوى، يا كاشف الضر والبلوى، يا قديم الإحسان، يا دائم المعروف، يا الله يا ذا الجلال والإكرام، ويا ذا الفضل والإنعام، امنن علي يا إلهي بجلال إكرامك، وتفضل علي بعظيم نعمك وإنعامك، وعافني يا إلهي في صحتي وعافني في بدني وعافني في قوتي، وعافني في دنياي وآخرتي.
إلهنا ثبتنا على نهج الاستقامة، وأعذنا من موجبات الندامة يوم القيامة وخفف عنا ثقل الأوزار، وارزقنا عيشة الأبرار، واكفنا واصرف عنا شر الأشرار، واعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا وأهلينا من النار، يا عزيز يا غفار يا كريم يا ستير، يا حليم يا جبار، برحمتك يا رحمن.
رب أعني ولا تعن عليّ وانصرني ولا تنصر عليّ، وامكر لي ولا تمكر عليّ، واهدني ويسر الهدى لي، وانصرني على من بغى عليّ.
رب اجعلني لك شاكراً، لك ذاكراً، لك راهباً، لك مطواعاً، إليك مخبتا أواها منيباً.
رب تقبل توبتي، واغسل جوبتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي.
لا إله إلا الله عدد ما مشى فوق الأرضين ودرج.
لا إله إلا الله الذي بيده مفاتيح الفرج، يا فرجنا إذا انقطعت الأسباب ويا رجاءنا إذا غلقت الأبواب.
بسم الله على نفسي وديني.
بسم الله على أهلي وولدي ومالي.
بسم الله على كل ما أعطانيه ربي.
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
وبعد غروب الشمس يتوجه الحجاج إلى مزدلفة التي تسمى المشعر الحرام، او سميت بذلك لنزول الحجاج بها في زلف الليل أو يزدلفون فيها إلى الحرم أو يندفعون زلفة واحدة، أي جميعاً.
وتقع مزدلفة بين عرفات ومنى، وهي مبيت الحجاج، ومجمع (الحصى) حيث يهبط الحجاج من عرفات ثم يفيض الحجاج منها إلى منى يصلون فيها المغرب والعشاء قصراً وجمعاً بأذان واحد وإقامتين بعد نزولهم من عرفات ويمكثون فيها إلى الفجر، والوقوف بها واجب، ويجوز للضعفاء والمرضى الخروج بعد منتصف الليل بعد غروب القمر.
يلتقط الحجاج سبع حصيات لرمي جمرة العقبة يوم النحر يوم العاشر من ذي الحجة، وحجم (الحصى) ما بين الحمصة والبندقة أو بعر الغنم، قدر حبة الفول.
كما يلتقط الحجاج حصيات الجمرات الثلاث كل جمرة ترمى على حدة بسبع رميات في أيام التشريق الأول والثاني والثالث، وهو يوم (10 و11 و12) ذي الحجة، من السنة غسل الحصى قبل الرمي، ويكبر مع كل حصاة قائلاً: الله أكبر.
الجمرة: عمود بُنِي من الحجر يرمى بالحصيات، وكل جمرة من الثلاث أقيمت في الوضع الذي ظهر به الشيطان لسيدنا إبراهيم عليه السلام، فرجمه فبقي رجم الموضع سنة من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
***
هوامش:
1- الحديث رواه مسلم. 2- صحيح .....3- رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة.