قطعت المملكة شوطاً عظيماً ومميزاً في طريق التقدم الحضاري متعدد الأوجه والمجالات، ويرجع هذا النجاح لخطط التنمية واستراتيجياتها الوطنية، وأمانة المسؤولية في تطبيق المناهج الفاعلة وإقامة المشروعات على خريطة البرامج الهادفة والآليات الفاعلة، والأنظمة الراقية الموجهة مباشرة لخدمة المواطن والمقيم، ويتضافر جهود الجميع بمشاركة فاعلة وتعاون مثمر وإيمان بالله القادر المقتدر وحسن توجيه من قيادتنا الحكيمة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وتلبية كافة فئات المجتمع في تفعيل آلية الدولة والنهوض بأسس ومبادئ التعامل مع تيار المجتمع المتدفق نحو الكمال والازدهار والرقي مدعوماً بالأمن والأمان والاستقرار.
وبفعل ما يتحقق في المجتمع من أمن واستقرار تمضي خطط التنمية في مسارها الطبيعي مدعومة بالأمن الكلي بمجالاته: أمن اجتماعي وأمن فكري وأمن اقتصادي يستشعر من خلاله الإنسان بالاطمئنان على ماله وعرضه ودمه فضلاً عن حماية العقل من الاضطراب أو التلف أو الخلل، وحماية القيم والأخلاق من الانحدار أو التردي لدائرة اللاسواء السلوكي.
وهذا هو محور العمل الأمني في مجتمعنا الغالي وما تحض عليه حكومتنا الرشيدة من ضرورة بذل أقصى جهد ممكن من أجل خدمة الإنسانية وتحقيق الحماية اللازمة لها.. مما يجعل كل من على أرض الوطن يستشعر أنه آمن مطمئن، ويعي أن جهاز الأمن في بلدنا يبذل قصارى جهده لتحقيق مآرب المواطن في الحماية بما تفرضه تطورات العصر من بزوغ جرائم مستحدثة لم نعهدها من قبل مما يتوجب معه إدخال برامج تأهيلية علمية جديدة في مجال تدريب رجل الأمن للتصدي للجريمة المنظمة والتعامل مع المستجدات التي طرأت على النشاط الأمني ويلزمها الكوادر المدربة ذات الخبرة العالية والمران الجيد بدءاً من أدنى الرتب العسكرية (الجندي) وحتى الرتب الأعلى في السلم الوظيفي (الضابط) بما يدفعه لإحراز النجاح في تحقيق رسالته وبلوغ أهدافها وبما يمكنه من استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال تخصصه ودعامته في ذلك بعلم رصين ومعرفة متخصصة وتطبيقات تقنية حديثة.
ومما يحمد لجهاز الأمن لدينا نبوغه الكبير في إدخال واستخدام أرقى الأجهزة التدريبية الحديثة في العملية التعليمية والتدريبية، وقدرة الجهاز الفائقة في استيعاب كل ما هو مستجد في هذا المضمار وتطعيم برامجه ومناهجه وخططه ومشروعاته بخلاصة هذا التطور العلمي والتكنولوجي مما ييسر له سبل التوصل سريعاً للغايات والأهداف.
والرأي لدينا أن هذا التطور والتقدم الباهر في مجال العمل الأمني في بلادنا يتوجب أنه يقابله توسع محسوب وملتزم ومنضبط في مجال الشرطة النسائية.
إن الثقافة الأمنية الحديثة والمعارف الشرطية المتجددة والدراسات المتخصصة في مجال العمل الأمني فضلاً عن الزيادة المطردة في عدد السكان وكثافة التردد على الأجهزة، والمنافذ قدوماً وخروجاً، وكثرة حالات الضبطيات والتفتيش والطب الشرعي والأدلة الجنائية والعزل الاحتياطي رهن التحقيق، وإجراءات السفر والحراسة النسائية لبعض الشخصيات وأمن المؤتمرات والندوات، واللقاءات النسائية، وأمن الأسواق النسائية والمصارف والبنوك النسائية والعمل بإدارات الإحصاء وجمع البيانات والقيام بعمليات التحليل والتفسير وأعمال المختبرات والتحليل والطب والتمريض بالمستشفيات العسكرية والمؤسسات الإصلاحية.
كل هذه المجالات وغيرها الكثير تحتاج لعنصر الشرطة النسائية بزي ولباس خاص بهن وفق تعليمات الشرع المطهر والعادات والتقاليد الحميدة على أن يتم تدريب هذا الجهاز على أرفع مستوى ويتم اختيارهن من أجود المتقدمات علماً وخلقاً، ويشمل قطاع التدريب كوادر فنية متخصصة، وأن يكون مليئا بمناهج وبرامج مواجهة الأحداث والأزمات الأمنية والجنائية، واستخدام التقنية الحديثة مع مراعاة البرامج التكوينية النمائية المتدرجة مع مسيرة التقدم المهني وما يتواكب معها من تدريبات متقدمة وتطبيقات علمية متطورة. ورفع معدلات الأداء والجودة في الأعمال.
إن الشرطة النسائية أصبحت ضرورة من ضرورات التطور الأمني في واقعنا المعاصر، فأمن المجتمع يمثل تحدياً إذا لم نعد العدة كاملة لموجهته فقد يقابل المجتمع تحدياً أكبر ومعضلة يصعب حلها.
ومن الممكن عن طريق الشرطة النسائية مباشرة الحوادث والمواقف التي تحصل من بعض النساء مما يجعل بعض رجال الشرطة يقفون مكتوفي الأيدي حتى حضور سجانات من سجن النساء.
ومن هذا المنطلق يتحقق القول بأن الوقاية خير من العلاج فهذه الشرطة المقترحة هي بمثابة تجسد واقعي وموضوعي لفكرة الأمن الوقائي وهو ما ننشده جميعاً ونأمل في تحقيقه بدلاً من الوقوع في براثن الجريمة والانحراف.
ومن الممكن أن هذه الشرطة النسائية تقيم ما يطلق عليه (بالخط الساخن) لتلقي أية شكاوى أو استغاثة أو الإبلاغ عن مشكلة أسرية تحتاج لتدخل العنصر النسائي فدوره حينئذ سيكون دوراً متميزاً ليس فيه ثمة جدال فهو دور محمود بكل المقاييس حيث يتيح فرصة التعرف على المشكلة وعواملها المسببة والمهيئة والتعامل الفني المتخصص الدقيق مع الأسباب بدلاً من علاج العرض الظاهر.. الذي سرعان ما يخبو وتعود المشكلة بمسبباتها ما دامت باقية خاصة مع انتشار العنف الأسري في الآونة الأخيرة.
إن هذه الشرطة ستعالج ما خفقت فيه جهات أخرى كان المتوقع أن تقوم بتقديم المشورة والإرشاد والتوجيه لحل مشكلات اجتماعية قائمة تم الإبلاغ عنها وطلب العون.