أبو أحمد .. (راشد بن حمود المطير).. وافاه الأجل في الصين. فكان من حقه عليَّ أن أترحم عليه وأدعو له أولاً.. وثانياً رأيت أنه من واجبي أيضاً أن أذكر جانباً من حياته المشرق، لأن حياته ولله الحمد كلها مشرقة وحافلةً بالعطاء والمحبة لكل الناس في حائل.
يعتصرني ألم الحرقة على هذا الرجل الذي سطَّر بأحرفٍ محفورةٍ سيرةً عطرةً في ذاكرة التاريخ الرياضي والثقافي على حدٍ سواء.. بيد أن التسليمَ بالقضاءِ والقدرِ ولا جزعَ من قدر الله تعالى. كان أبو أحمد (يرحمه الله) مثالاً رائعاً للوفاء وللتفاني في شغله الرياضي والثقافي، كان يملكُ حساً مرهفاً في اجتذاب سامعيه حتى وإن خالفوه أو اختلفوا معه.. لأنه يحترمُ خصومه فبادلوه الاحترام. ولا يقلق من إبداء الرأي به خاصة من منتقديه.. وأول أمرٍ يحرص عليه هو بث الطمأنينة فيمن يعملون معه، وهذا أمر صعبُ تحقيقه إلا على أبي أحمد، ومن هم على شاكلته.
وكان معلماً متميزاً رفيقاً بطلابه يسمع منهم أكثر مما يسمعون منه. وكذلك مع إخوته وأبنائه الطائيين أحبهم فأحبوه. وعلى مستوى منطقة حائل فهو له حضور قوي وحظوة ممتازة. وقد كانت لي تجربةٌ جميلة ممتعة مع هذا الرجل -عليه من الله الرحمة- من خلال المسرح في حائل، حينما كان مديراً للمركز الصيفي في حائل في أواخر التسعينيات الهجرية، وتحديداً في العام 1397هـ. وكان قارئاً محترفاً لما نقدمه من نصوص، وكان كثيراً ما يضيف للأفكار مما يضفي على النصوص حيوية ورشاقة وتشويقاً (وهي من صلب العمل الدرامي). وكان يتدخل بأسلوب راقٍ ومن خلال حديثه المؤدبِ عن العمل.. يلزمك بأن تحترم رأيَه بل وتأخذ به، فهو يأسرك بكلماته الصادقة.. أبو أحمد حريص جداً على أن ينجحَ عمله بإخلاصه وبراعته وحنكته في الإدارة. وهو بارع في استقطاب المواهب، وتشجيعهم والأخذ بأيديهم. فليس له منا إلا الدعاء الصادق، ويجبُ ألا ننساه. رحمك الله يا راشد المطير، وأسكنك فسيح جنَّاتِه.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر فأول تكريم حصلتُ عليه هو من هذا الرجل -على مستوى المنطقة- (يرحمه الله) عن مسرحية للأطفال (اليتيم)التي عرضتْ في صيف 1397هـ خلال الحفل الختامي لأنشطة المركز الصيفي في مدينة حائل (عبارة عن كأس وجهاز تسجيل.. يوجد صور) وكانت بمثابة دافع قوي لمواصلة النشاط المسرحي إلى الآن.. كان يحب ولكن بلا تعصُّب أو تشنج. أسأل اللهَ العلي القدير أن يرحمه برحمته الواسعة وأن يلهمنا جميعاً الصبر.
فهد الفريدي
مؤلف ومخرج مسرحي - حائل