يزخر مجتمعنا بالكثير من الشواهد التي تشير إلى وجود ثقافة متأصلة تقسو كثيرا على المرأة وتنال من شخصيتها وقيمتها. ومن ذلك مثل يردده الصغار قبل الكبار في مجتمعنا بما فيهم المرأة نفسها!
ألا وهو (فلان ما عنده ما عند جدتي) وهو مثل يضرب في الشخص الذي يجهل كثيرا من أمور الحياة العامة بما يجعل هذا الشخص غير قادر على تقديم شيء يخدم نفسه أو يخدم الناس. والجدة بالطبع هنا تمثل جميع النساء واللاتي ينظر إليهن على أساس أنهن ناقصات عقل ودين ولا يستطعن تسيير أمور حياتهن أو مجرد تقديم شيء يخدم المجتمع مقارنة بجنس الذكور والذين اصطبغ المجتمع بهم وبحضورهم القوي فكرا وجسدا حتى أصبح مجتمعنا يوصف بأنه مجتمع ذكوري.
بلادنا تتقدم وتتطور الفتاة السعودية نالت حظا وافرا من التعليم ولكن كل ذلك لم يشفع للمرأة بأن يغير كثير من الذكور نظرتهم إليها معتمدين في ذلك على تلك الثقافة المتأصلة التي نالت من المرأة كثيرا والتي يتوارثها الجنس الذكوري جيلا بعد جيل.
يا ترى ما هو موقف كل جدة من أبنائها حينما تسمعهم وهم يستشهدون بهذا المثل، فهل ستعيب عليهم تلك الجدة استشهادهم بهذا المثل والذي يمتهنها ويقلل من قيمتها؟! أم أنها سترضى بذلك من منطلق إيمانها بثقافة المجتمع والتي لا يجب أن يقف أحد أمامها معترضا؟!
كذلك ما هو موقف كل سيدة أو فتاة تسمع بهذا المثل وهي تعلم بأنها ستكون جدة في المستقبل؟!
لم أسمع عن أي سيدة في مجتمعنا أظهرت استياءها من هذا المثل وهذا ما ساهم في تكريس ثقافة المجتمع حول المراة حيث إن المرأة نفسها لم تقم بما يسهم في محاربة تلك الثقافة التي جلبت للمرأة الظلم وصادرت منها أبسط حقوقها. بل إن هناك سيدات وفتيات يخرجن من فترة لأخرى في الصحافة وفي مختلف وسائل الإعلام المرئي منها والمسموع وهن يبدين استياءهن ممن يقولون إن المرأة السعودية تعاني من وطأة الوصاية والعنف والتهميش في المجتمع حيث نجد أن تلك الشريحة من النسوة يرين أن المرأة السعودية لا تعاني ظلما أو عنفا أسريا وأن وصاية الرجل على المرأة هو حق طبيعي للرجل يخوله للسيطرة على زوجته وأسرته بالشكل الذي يراه هو.
(ما عنده ما عند جدتي) مثل يردده الجميع وتطرب له كثير من النسوة واللاتي ينطبق عليهن هذا المثل تماما.
fauz11@hotmail.com