أنتم السائلون المسؤولون..
ما الذي يدعوكم للتذمر من كلمة حق..؟
وما الذي يدعوكم لأن تروا فيما تؤدون من الواجب تماماً أو كمالاً أو عدم نقصان أو زيادة؟
أولو كان فيما تؤدون جميعكم من العمل كمالاً أو تماماً أو خلواً من النقص يكون هذا حال الأجيال التي سبقت والتي في المعترك وربما التي ستأتي..؟ التعليم ليس لفك الحرف ولا لإشراقة الوصف.. والتدريس ليس فقط مواجهة الطالب والكتاب بيد والمسطرة بالأخرى.. التعليم مسؤولية لعلها الأولى التي تجعل المعلم في صف الورثة للأنبياء لأنهم المسؤولون عن الهدي والتربية وتمام المعرفة ليتحول العلم إلى سلوك، والسلوك يقود إلى الأخلاق، تلك التي هي للإنسان فكره ووجدانه، رأيه وموقفه.. خطيرة هي رسالة المعلمين؛ فبقدر الفرح بها بقدر الخوف منها..
بلا ريب هناك عمل جاد ومخلص ودؤوب يقوم به الجميع ويتفاوت في صوابه وسلامته وجدواه الجميع..
يعود ذلك إلى حيثيات كثيرة ولآليات عديدة بل للأنظمة والتعليمات وسوط الإدارات.. كما يعود بعضه لأعداد الطلاب في الفصل الواحد، ولإمكانات المعلمين المتاحة وفق نظام أو وفق وقت.. بلا ريب أيضاً هناك مثبطات من زيادة أعباء عليكم لا يقابلها من الحقوق الممنوحة والمتاحة لكم بما يرضيكم، كما أيضاً هناك انتقالة تحديث للأساليب والمحتويات التعليمية وأدواتها تحتاج إلى برامج تمهيدية وأساليب تتبعية وخطط تنفيذية لم تتح للجميع منكم بشكلها المثالي أو الأقرب منه بحيث توفر لكم الجهد وتعينكم على الأداء برضا.. لكن كل هذا في جانب وما تعرضنا له هنا في جانب آخر..
نعلم أن ليس كل المعلمين يفرطون في صغيرة تبدر منهم تغدو مع التبني كبيرة في شخوص طلابهم، كذلك نعلم أن ليس كل المعلمين حريصين عليها وجلين من تبعاتها، لكنّ أعداداً كثيرة من المعلمين والمعلمات تتفاوت أساليب سلوكهم مع طلابهم فلا يتنبهون إلى أن الطفل لا تغادر عينه ولا تغلق أذنه ولا تتجمد مشاعره ومعلمه في حضور, فكيف يسلك كل معلم وهو يتحرك قدوة أمام هذه العيون وفي حضور هذه النفوس وبجوار هذه الآذان..؟
من الذي يقول إن جميع معلمي المدارس كلها على رتبة واحدة من حسن التصرف في مواقف المواجهة مع طلابهم خلقاً ولفظاً وتصرفاً، سماحة ورحابة, تواضعا واحتواءً..؟ ولأن لكل قاعدة شواذها فإننا لم نتناول من تستثنيه القاعدة لأن المستثنين من المعلمين والمعلمات قلة، أولئك هم الكادحون على الجوانب جميعها: تدريساً وتربية وسلوكاً في كل أقوالهم وأفعالهم.. يؤثرون على أنفسهم ولو كانت بهم حاجة لراحة أو تنفيس أو حق، يضعون أنفسهم موضع الجندي في مواجهة بلا درع..
ليس أولئك من نتصدى للحديث عنهم هنا، في كل مرة تكون فيها المطرقة القول, والسندان التعليم والتربية.
فليت هذه القلة تفتح معنا نوافذ أخرى من تجاربها لئلا تأخذنا في قول الحق كلمة ربما حين نجلس إليها في صفاء نتخيل يوم السؤال.
تحيتي لكل معلم عاتب فأنكر ما ورد في المقالات الثلاث التي نشرت هنا عن حالات واقعية لطالبات وطلاب من قبل معلميهم ومعلماتهن، والزوادة مليئة والدلو غير مثقوب..
مقدرة أنه قد يكون من المستثنين، لكن تلك الأعداد منهم من كان محور ما قلنا..
ولا أحسب أن أحداً منا لا يعترف لمن علمه دوره في حياته، لكنه بالتأكيد سيكون صادقاً حين يكتشف ما لم يتعلمه منه حين كان عليه أن يعطيه.. حتى ولو ابتسامة في لحظة حاجة أو كلمة طيبة في لحظة زلل..
كما لا يفوتني أن أشير إلى أن ما قصر عنه علمنا وعملنا فليغفره الله لي ولكم أجمعين.