شن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قبل أيام هجوما عنيفا على إيران، معتبرا أن الجمهورية الإيرانية تسعى إلى الانتشار والتوسع والسيطرة على الشرق الأوسط، كما تسعى إلى فرض الأيديولوجية الخاصة بها عبر استغلال القضية الفلسطينية.
ويدرك العقلاء أن هدف إيران الاستراتيجي يتمثل ابتداء في مشروع الهيمنة والمد الإيراني والسعي لتوظيف المذهب الشيعي داخل المجتمعات السنية لأطماع توسعية، ومروراً بمحاولات التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد العربية والإسلامية، وانتهاء بمشروع السيطرة على دول منطقة الخليج العربي. فإيران باختصار تحمل أجندة واضحة تسعى من خلالها إلى بسط نفوذها من أجل مصالحها، وتعزيز وتثبيت نفسها كقوة إقليمية كبرى، وإعادة بث الروح في مشروعها لزعامة المنطقة.
بل إن إيران تستفز العالم، وتعرض أمن الدول العربية الإقليمي للخطر عن طريق المتاجرة بقضايانا العربية، ومن ذلك: المتاجرة الوهمية باسم مجاهدة أمريكا وإسرائيل تارة، وتارة أخرى باسم المقاومة الزائفة والقضية الفلسطينية. فشقت الصف الفلسطيني من خلال دعمها لفصيل دون آخر، وهو ما أكده خالد مشعل - رئيس المكتب السياسي لحركة حماس - حين قال: (إن إيران هي الدولة الوحيدة التي تساعدنا). مع يقيننا أن دعم إيران لحماس لا يتجاوز الدعم اللفظي.
وقد برز المشروع الإيراني في العراق، فكانت إيران ولا زالت لاعبا أساسيا على الساحة العراقية، وصار الوجود الإيراني قائما في كل شوارع العراق، عبر استغلال المذهب بشكل مخجل لتحقيق نياتها الشريرة وأغراضها المشبوهة. وفي سورية، استطاعت إيران عبر أنشطتها التي تقوم على بناء وتمويل الحوزات من نشر التشيع، بعد أن أخذ طابعا دينيا سياسيا مزدوجا. وفي بيروت لم ننس بعد أصوات طلقات الرصاص ودوي المدافع وهدير الدبابات، بعد أن عمت شوارعها الفوضى، وعاش البلد الجميل أياما سوداء، وأزمة قاتمة مظلمة، ولم يترك مجالا للعقل حين كشف حزب الله القناع عن وجه غير مألوف، بتعامله مع أطياف الشعب اللبناني بكل استعلاء وصلف وغرور. وحسبنا ما جرى في اليمن، من صراعات دموية بين الحكومة من جهة، وبين الحوثيين المتأثرين بالأيديولوجية الخمينية وبالمذهب الإثني عشري من جهة أخرى، والذي دخل سنته الرابعة.
وعلى الرغم من أن الدول العربية وعلى رأسها دول الخليج العربي، تتمسك بمبدأ إقامة علاقات حسن جوار مع إيران، إلا أن إيران لا تزال تتعامل مع الجميع بمنطق التهديد والهيمنة، وتصدير الطائفية والمشكلات إلى خارج حدودها، عبر تصريحات نارية لا تتسبب إلا في زيادة الشحن السياسي في المنطقة، وتهديد الاستقرار فيها. إضافة إلى احتلالها الجزر الإماراتية في الخليج العربي (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى) منذ عام 1971م، بل افتتحت مؤخرا في تلك الجزر مكاتب إدارية جديدة متجاهلة نداءات دول الخليج العربي لحل المشكلة بالطرق الودية والدبلوماسية.
لا شك عندي أن لإيران أهدافها الاستراتيجية، وهي تحمل أجندة واضحة، تسعى من خلالها إلى توظيف المذهب لخدمة أطماعها. فتمكنت من إيجاد موطئ قدم لها داخل البلاد السنية لاختراق مجتمعاتها في عدة جيوب، لتصبح فيما بعد أذرعا إيرانية فاعلة تتيح لها فرصة التدخل في الشؤون العربية.
وبعد.. فإن على الدول العربية مناقشة تلك الدوافع الإيرانية في المنطقة العربية خاصة من زاوية المصالح، وضرورة أن تقابل الأجندة الإيرانية بأجندة عربية، والانتباه للمخطط الإيراني قبل فوات الأوان. كما أن على إيران أن تحترم سيادة الدول العربية وبالذات دول الخليج العربي، وحثها على عدم التدخل في شؤونها.
drsasq@gmail.com