على العرب جميعاً وكل محب لفلسطين والفلسطينيين وخصوصاً الإعلاميين منهم أن يكونوا رسل محبة وسلام بين الإخوة الفلسطينيين وأن يساعدوا على إعادة اللحمة للبيت الفلسطيني، ولا يرموا الحطب على النار المشتعلة لتأجيج الخلاف بين أبناء البيت الواحد. إلا أن الموقف المحايد وعدم تأجيج الخلافات لا يدعو الإعلاميين إلى إخفاء الحقيقة والسكوت عن الحق، وإلا تحول الإعلاميون إلى شياطين خرس.
ومن الحقائق التي شهدها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حصول مذابح أشبه بحمامات الدم. وقد ظن المتابعون للعدوان الإسرائيلي أن (الشهداء) الفلسطينيين قد سقطوا جميعاً بنيران المجرمين الإسرائيليين، إلا أن الحقيقة المفجعة والصدمة الكبرى ما كشف عنه بعد توقف النيران الإسرائيلية.. لتندلع مذابح أشد بشاعة من مذابح الإسرائيليين بحق الفلسطينيين، فقد ذبح العديد من الفلسطينيين بأيدي الفلسطينيين أنفسهم، والمبرر الذي أعلن بأن من ذبحوا هم عملاء لإسرائيل...!! ولقد أدهش العدد الذي تم ذبحه من الفلسطينيين كل من يتابع عملية (التصفية) التي تعرض لها الفلسطينيون الذين ذبحوا بعد توقف العدوان الإسرائيلي، فبالإضافة إلى ارتفاع عدد الذين أعدموا من قبل (قوات حماس) بعد إعلان وصمهم بالعمالة لإسرائيل، وأنهم جميعاً من أعضاء حركة فتح وبعضهم من قيادات الحركة، يستغرب الغزاويون بالذات أن يكونوا جميعاً (عملاء) لإسرائيل وهم الذين كان لهم دور كبير وفعل قوي في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي مما يوجد شبه تصفيات حزبية بين المقاومين أنفسهم، فالذين أعدموا وحسب تأكيدات تنظيمية لحركة فتح، بأنهم مقاتلون في الحركة وأن حماس أعدمتهم لأنهم ينتمون لفتح فقط، أما وصمهم بالعمالة لإسرائيل فهي استباحة للشرف والوطنية أقدمت عليه حركة حماس لا يقل بشاعة عن استباحة دمائهم وأرواحهم.
وقد نشرت قيادات فتح في غزة قائمة بأسماء من تم إعدامهم مع عناوينهم ليعرف الفلسطينيون حجم التصفية التي حصلت لهؤلاء وهل حقاً يمكن اعتبارهم عملاء حتى يمكن وصمهم بالعمالة لإسرائيل، وقد بلغ عدد ممن أعدموا والذين تعرضوا لإطلاق النار وأصيبوا في أماكن متفرقة من أجسامهم ومن جميع محافظات غزة قد بلغوا أكثر من 200 فلسطيني وجميع هؤلاء نشرت أسماؤهم قيادات فتح وأعطتهم صفة الشهداء في حين يصر قادة حماس في غزة بأنهم عملاء لإسرائيل.. فهل هناك أكثر تخريباً للقضية الفلسطينية عندما يحتار الناس في التفريق بين العملاء وبين الشهداء..!!
jaser@al-jazirah.com.sa