وردت قضية التغيير الإداري في المنظمات وما ينتج عنه من سلبيات وعداوات ومشاحنات، في الكثير من الكتب والدراسات الإدارية والاجتماعية وغيرها، حيث تواجه العديد من التغييرات والتحديث معارضة وعزوفاً من قبل البعض في العديد من المجالات .
الاجتماعية والإنسانية والإدارية وغيرها، وهو ما يطلق عليه مقاومة التغيير والإبقاء على الوضع على ما هو عليه، بدون أي مواكبة للتطورات التي تشهدها المجتمعات. وتسمى ردة فعل الأفراد الذين يقاومون ويرفضون مبدأ التغيير في واقعهم الوظيفي أو الاجتماعي بالمقاومين السلبيين. وتعد مقاومة التغيير تعبيراً ظاهرياً أو باطنياً لردود الفعل الرافضة للتغيير، وهي ظاهرة طبيعية شأنها شأن التغيير نفسه، وهذه المقاومة أو ردة الفعل حسب تصنيف علماء الاجتماع جزء من السلوك الإنساني الذي يميل إلى السكون والاستقرار والتقليد، ويكره العوامل الخارجية التي تكدر صفوه وتؤثر فيما اعتاد عليه من أعمال روتينية، حيث ينتاب مقاوم التغيير شعور وهمي يرى فيه أن ما اعتاد عليه وما يعمله هو الوضع المثالي الذي لا يقبل التغيير أو التحديث والتطوير.
ومصادر مقاومة التغيير إما أن تكون مصادر مرتبطة بشخصية الفرد مثل الخوف من المجهول وتفضيل الاستقرار عن القلق والاضطراب في العلاقات والعادات والممارسات، كما أن هناك مصادر أخرى مرتبطة بطريقة إحداث التغيير، مثل الوقت والموارد المتوافرة للتكيف واحترام الأفراد والمهارات ومصداقية عامل التغيير.
ومن جانب آخر، يرى أنصار نظرية التغيير الإداري أن الرافضين لمبدأ التغيير هم أفراد غير قادرين على التأقلم مع المفاهيم الإدارية الحديثة، والاندماج مع التطورات التقنية الحديثة التي فرضها عصر العولمة، حيث ينتابهم حالة من العداء وشعور غير واع بالعجز عن التطور والتقدم والاستفادة من كل ما هو جديد، أو أنهم أفراد مرتبطون بمصلحة نفعية تحتم عليهم رفض مبدأ التغيير، والذي قد يعرقل سير مصالحهم ويفضح سرهم ويقلب الطاولة فوق رؤوسهم.
إن مسألة التغيير في المنظمات مهما صغرت أو كبرت ليست بالسهولة التي يمكن تصورها، وإن كانت في مواقع ومواقيت معينة سهلة وميسرة، ولكن بشكل عام، فإن التغيير ليس بالمستحيل، وليس بالسهل، وحتى تكون عملية التغيير مؤثرة وناجحة، يجب أن يكون لهذه العملية قائد إداري يتبنى مشروع التغيير ويقتنع به اقتناعاً تاماً، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل لا بد مع وجود ذلك القائد من سلطة وقوة تسانده في عملية التغيير والتطوير، متمثلة في أفراد مؤثرين وأصحاب قرار في المؤسسة، ولا يكفي أن يمتلك القادة في تلك المؤسسات الرغبة الأكيدة في التغيير، بل يجب أن يكون لديهم معرفة والإلمام بطرق ومنهجيات التغيير الفعالة وتنوعها، وكيفية التطبيق الصحيح لتلك الطرق.
وبمعنى آخر، لا بد أن تكون هناك رغبة مشتركة ما بين جزء من القيادة وجزء من الأفراد، بحيث يعضد كل منهما الآخر ويكونان مع قائد مشروع التغيير قلباً وقالباً، حيث تستطيع المنظمة إيجاد مناخاً مناسباً للتغيير أو حافزاً أو دافعاً له، ولكن الشيء الأهم في التغيير أن يكون بداية التغيير نابع من داخل الشخص أو المؤسسة، فلا نستطيع أن نغير إنساناً آخر ما لم يغير من نفسه، قال الله تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. وهذا ما أكدته كذلك الدراسات العلمية في هذا المجال.
نلخص بالقول أن التغيير هو رغبة كل فرد أو مؤسسة تطمح للتحول نحو الأفضل والانتقال من واقع غير مرض أو حالة غير متوازنة، إلى واقع وحالة أخرى مرضيه، تخالف ما كان قبلها، يتم فيها تحقيق أحسن وأفضل النتائج المرغوبة بما يتواكب مع التطورات والمستجدات الحديثة التي فرضها الواقع المعاصر!!! وسنكمل ما تبقى عن التغيير في الموضوع القادم.
aammar@saudiedi.com