Al Jazirah NewsPaper Friday  06/02/2009 G Issue 13280
الجمعة 11 صفر 1430   العدد  13280
من تجاربهم
أأقبل أم لا؟!

 

تنهدت ورأيت في عينيها الدموع التي كانت تحكي عن شعورها بالعجز وإحساسها بالضياع، لم تستطع تقبل الأمر، بل تفضّل أن تفقد حياتها على أن تراه مع امرأة أخرى.. كانت تشكو ارتباط زوجها بأخرى، واسيتها وحاولت التخفيف عنها, لقد راودني ذلك الإحساس عندما يشعر الشخص بأنه قدّم الكثير من التضحيات وفي المقابل لم يلق إلا الجحود والنكران أو حتى الخيانة.

.. ورغم أني تعاطفت معها كثيراً إلا أني حقيقة غير مقتنعة بأن يخضع انستن ويرضى بسيطرة الآخرين عليه من منطلق محبتهم.

أرى العديد من هذه المشاهد التي لا تتمثل فقط في العلاقة الزوجية، بل أيضاً تمتد إلى علاقة الأبناء بآبائهم أو الطلاب بأساتذتهم أو حتى الموظفين بمديريهم. فنجد الابن قد قبل أن يكون تحت سيطرة أبيه، فلا تكون له الحرية في اتخاذ أي قرار يخص حياته العلمية أو الاجتماعية خوفاً من أن يغضب أباه..

ما قدمته تلك المرأة ليس تضحية لأنه لم يكن برغبة منها دون أن تسأل أو يطلب منها ذلك.. لا من الضرورة التفريق بين التضحية والخضوع.. فهناك فرق شاسع بينهما، التضحية تكون برضا الشخص ومن غير ضغوط عليه، أما لو تنازل كثيراً بسبب الضغوط التي قد يمارسها الطرف الآخر وهو في قرارة نفسه غير مقتنع.. هذا مانسميه خضوع.

قرأت في إحدى المرات مثلا إنجليزياً يقول: (كن قوياً بما يكفي لمواجهة العالم كل يوم وكن ضعيفاً بما يكفي لتعلم أنك لا تقدر على أن تفعل كل شيء).. تعلمت من هذا المثل أنه يجب أن أحكم بعقلي قبل قلبي على الأمور وعلمت أيضاً أنني أضعف من أن أرضي جميع الناس.

ليس خطأً أنك أحببت شخصاً لدرجة أنه أصبح كل حياتك، بل إذا دفعك هذا الحب إلى التنازل عن حقوقك.. تذكر أن الله خلقك حراً وليس هناك أي شخص في هذا الكون له الحق بأن يطالبك بما لا تريد، بل لا أحد في هذا العالم قد يلومك على إسعادك لنفسك.. إن كنت تعتقد أن التضحيات التي تقدمها للآخرين ستصبح ديناً عليهم فإنك تخدع نفسك بذلك.

لست مديناً لأحد وأنت تعلم أن إرضاء جميع الناس غاية لن تدرك أبداً، يجب عليك عزيزي القارئ ألا تساعد الآخرين بأن يسيطروا عليك بخضوعك وتقبل ذلك منهم. تذكر دائماً أن مثلما للآخرين حقوقاً عليك فلنفسك وهي الأولى حق أيضاً، إن عدم تقبل الآخر شخصيتك بما هي ليس نهاية العالم.

أنا لا أدعو إلى أنه بمجرد أن يشعر أي شخصين بأنهما مختلفان بأن عليهما التفكير في الانفصال، إن اختلاف الآراء ليست المشكلة، بل قبول رأي الآخر بدون قناعة.

لست مضطراً إلى أن تعيش أو تتعامل مع شخص لا يحترمك ولا يحترم رغباتك وآراءك. اعلم أنه مهما بلغت درجة حبك لشخص ما، فلا يعني أن تسمح له بتجاوز الخط الأحمر الذي وضعته في معاملتك مع الناس.

فايزة الحمراني



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد