Al Jazirah NewsPaper Friday  06/02/2009 G Issue 13280
الجمعة 11 صفر 1430   العدد  13280
من أجل الرقي بالجمعيات
عبدالرحمن بن ناصر السلمي

 

شرفتُ بالعمل المؤسسي الخيري، وبَون شاسع بين ما يتم إنجازه والتفكير في تنمية ما يُعمل داخل المؤسسات الحكومية الرسمية أو العمل داخل القطاع الخاص.

إن خير ما تتقاضاه من هذا العمل الخيّر هو نمو القيم المكتسبة من خلال العمل الخيري، والفارق في كل ما يمارسها هو الاحترافية الناتجة من وجود إجراءات العمل والدورات التي تنمي المسؤوليات الإدارية والنظامية التي يتحملها الموظف في المؤسسات الرسمية وكذلك نظام العلاوات والترقيات التي تجعل من الموظف ينظر إلى أهدافه من خلال الطموح الذي يورثه النظام والكادر الوظيفي بأن يصبح في المستقبل رئيساً لهذه المؤسسة، وفي المؤسسات الخيرية قد لا يحصل ذلك.

لأن المؤسسة الخيرية تعتمد وتتمحور حول شخصية القائد وحبنا العمل معه لا الوصول إلى أهداف اللجنة، والسبب في ذلك عدم وجود إجراءات عمل تساهم في نمو القدرات المعرفية للموظفين وقلة الصلاحيات والمسؤوليات الممنوحة للموظفين التي تثبت وتحدد قوة وجود الموظف في العمل. وقد يكون أداء العمل المشمول بالإحسان يفهم من أنه لا سبيل للآخرين معاقبته لأنه محسن؛ فيظل العمل أسيراً للاجتهادات التطوعية على ضعف الكادر الوظيفي؛ لافتقاره إلى التخصصات. وقد يكون ضعف المستخلص المالي لكل وظيفة وغياب نظام الترقية الأمر الذي ترتب عليه حجب المبدعين للالتحاق بهذه المؤسسات واقتصر على الحافز الأخلاقي الاحتسابي.

واليوم يتوافر لدينا أكثر من (454) جمعية خيرية في هذا الوطن الحبيب، تضم بمعدل عشرة إلى خمسة عشر موظفاً غير مستقرين لحين توافر وظيفة في مؤسسة رسمية؛ الأمر الذي يترتب عليه فقدان عدد من الكوادر داخل الجمعية لتظل المؤسسات الخيرية تعاني هجرة الكوادر المدربة.

واليوم يَشرف العمل الخيري بمعالي وزير جاء من رحم الوزارة قد خبر آلياتها وشجونها، وساهم في بنائها وعطائها، ألا يرى معاليكم أن العمل الخيري بمؤسساته يحتاج إلى تحديد المسؤولية الإدارية ليساهم على تطوير العمل.

إنّ وجود كادر وظيفي للمؤسسات الخيرية بتخصيص عدد من الوظائف لكل مؤسسة خيرية، وإعداد هيكل تنظيمي للجمعية حسب تخصصاتها بما يضمن تحقيق أهدافها وإجراءات عمل لكل قسم يُعرف بنشاطاتها وأهدافها ومسؤولاتها أمر مهم للغاية.

وإذا قدرنا في المستقبل القريب أن الجمعيات الخيرية التي تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية لا تتجاوز الأربعمائة جمعية استطعنا أن نقدر عدد الكوادر الوظيفية التي تحتاجها وقد لا تصل إلى خمس عشرة وظيفة لكل جمعية من مديرين ومسؤولي إدارة أقسام وعمال، فلو قامت الوزارة مشكورة بتأسيس هذه الوظائف، ويكون ملاكها على وزارة الشؤون الاجتماعية ومخصصة للجمعيات وتدار وظائفها حسب نظام الخدمة المدنية أو نظام التشغيل الذاتي ويقدر لكل وظيفة منصب إداري ومتطلبات رواتب لكان أجدى. وقد يرى معاليكم ما يمارسه مثل هذا النظام بوزارة الصحة ضمن نظام التشغيل الذاتي الذي وفر العديد من الوظائف لعدد من الشباب، واستقطب الكوادر المؤهلة التي تحمل تخصصات نادرة أثرت العمل الصحي.

وقد يرى معاليكم أن الجمعيات تحتاج إلى تطوير كيفي من خلال ضبط الجودة التي تحدد الأهداف بالاتفاق مع مؤسسات تنمية الجودة أو تأسيس إدارة الجودة لتنمية إدارة الجمعيات الخيرية لتقوم بإعداد الدورات التدريبية وورش العمل بالاتفاق مع مؤسسات الخبرة.. وقد أكون متفائلا وطموحاً بالحصول على درجة الأيزو لجودة الأداء.

إن هذا التوجه سيعمل على رسم الأهداف لتتسابق المؤسسات الخيرية على تنفيذها وبلوغها طموحاتكم، ويكون لديها نظام المراقبة الذاتية.

اعتماد إجراءات العمل لكل منشط والهيكل التنظيمي لكل جمعية حيث يكون معتمداً من مقام الوزارة سيمنع تجاوز الاجتهادات، وبهذا يا معالي الوزير تستطيع كل جمعية أن تعد إجراءات عمل ووصفاً وظيفياً لكل موظف بالجمعية ومتطلباتها، وتوسّع مهام الهيكل الوظيفي، ويتحدد منهج العمل الخيري الذي يقوم على تغيير الحال إلى مستوى معيشي ومعرفي جيد للمستفيد سواء على المستوى المجتمعي أو الأسري أو الفردي.

بهذا تستطيع أن تتحول الجمعيات الخيرية إلى مؤسسات تدريب ودعم للمشاريع المنتجة التي تصنع الكفاف لكل فرد داخل الأسرة.

كما أن وجود مجلس استشاري في كل منطقة يكسب العمل الخيري الخبرة الأكاديمية بدعمه بعدد من الأكاديميين يساهمون في رفع المنتج الخيري ليمدوا الجمعيات بالأفكار والأطروحات.

كما أن الاهتمام بالتدريب وتشجيع الكوادر على الحصول على درجة علمية في إدارة المؤسسات الاجتماعية يورث هذه المؤسسات الخيرية كوادر إدارية تمثل الصف الثاني من القيادات المدربة التي تحمل وضوح الأهداف وسموها، وتعمل - إن شاء الله - في مؤسسات العمل الخيري على دعم قدرات الإنسان السعودي من الكفاف القائم على عاتق الجمعيات إلى الإنتاج القائم على حركة السوق، ونحقق الهدف السامي لهذا الوطن معاً لمجتمع آمن بزيادة الدخل وتنمية القدرات لزيادة الإنتاجية.

أخصائي اجتماعي
م/ مركز التأهيل النفسي بالقصيم
نائب رئيس لجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد