Al Jazirah NewsPaper Friday  06/02/2009 G Issue 13280
الجمعة 11 صفر 1430   العدد  13280
وأشرقت شمس غزة
د. سعد بن محمد الفياض

 

لقد ظلت شمس غزة غائبة اثنين وعشرين يوماً عن أهلها!، بسبب سحب الظلم والعدوان، وتراكم دخان البطش والطغيان، والتي أفرزتها تلك الهجمة الشرسة من قبل إسرائيل على أهل غزة!! تلك المحرقة النازية، والعربدة الصهيونية عبر ترسانة عسكرية عمياء، عملت عملها جواً وبحراً وبراً، مجازر تقشعر منها الأبدان، وقصص تدمي القلب، وحكايات تدمع العين من صور القتل والتدمير والهلع والترويع.. بل والإبادة الجماعية لكل ما هو إنسان ونبات وجماد حتى بلغ ببعض الناس اليأس وكادوا يفقدون الأمل في أن تشرق لغزة شمس أو أن يكون لهم بصيص نور أو شعلة حياة!! من خلال تراكم أدخنة القذائف، وغيايات نيران الصواريخ، وسحب غبار التدمير، ليعلن المحتل الغازي إيقاف الهجوم وانتهاء العمليات التي حقق فيها أهدافه ونال منها مراده!! وهي قتل النساء والأطفال واستهداف المدنيين العزل، في مجازر وحشية تحرمها الأديان السماوية والأعراف والقوانين والمعاهدات الدولية. فهل حقاً انتصر؟ وهل حقاً حقق أهدافه؟.

إن الحروب والمعارك التي تشن عبر التاريخ ما هي إلا وسيلة لسيادة المبادئ، وإقرار القيم وإعزاز الأخلاق، وغرس الشموخ وترسيخ الثبات، وتعزيز المصابرة، وإن كان نتيجة ذلك القتل وسفك الدماء والتهجير والترويع! نعم هذا هو الانتصار الحقيقي للأمم والأفراد وهذا هو الذي تحقق في غزة، لقد كسبت إسرائيل المعركة ميدانياً، كسبت المجازر والدمار، والقتل والفساد، ولكنها خسرت القيم والأخلاق والمبادئ والشرف، والمكانة والسمعة، والأمانة والمصداقية ليس أمام شعبها أو في حدود إقليمها فحسب بل على مستوى العالم كله، بكافة جمعياته ومنظماته، وهذا يتضح جلياً من خلال وسائل إعلامها المقروء والمرئي التي تقرر وتحلل وتثبت أن حكومتها فشلت في معركتها مع غزة فشلاً ذريعاً، فلا المقاومة انكسرت ولا مكانة إسرائيل ارتفعت ولا من أهدافها تحققت!!.. بل على النقيض من ذلك شاهت صورتها، وساءت سمعتها، وضعف جانبها في العالم كله، بسبب مجازرها وجرائمها في حق المدنيين العزل خسرت وكسب أهل غزة الرهان كسب أهل غزة نتائج المعركة الحقيقية، من المكانة والسمعة العالمية، وتعاطف جماهير الأمة، والثبات والإباء، والوحدة والترابط، والصبر والمصابرة، وفرض الأمر الواقع والإصرار على التمسك بالقيم والمبادئ التي يؤمنون بها والأخلاق التي يسيرون عليها والمنهج الذي رسموه لأنفسهم دون تنازل عنه أو تخاذل فيه وهذا هو النصر الحقيقي الذي تحقق لهم بعد اثنين وعشرين يوماً ولو زادت أيامه لزاد معه الانتصار (وإن عدتم عدنا) لذا لا عجب أن يكون وقف إطلاق النار من جانب واحد والانسحاب من غزة خلال أيام قليلة بل ساعات معدودة لتشرق شمس العزة على غزة الصمود من جديد ويدوي صوت مآذنها الآفاق: الله أكبر الله أكبر.. {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} فالحياة سنن والأيام دول والصغير يكبر والضعيف يقوى.



saad.alfayyad@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد