ورد الشكر في القرآن الكريم في عدة مواضع.. وهذا دلالة على أهمية الشكر، والله سبحانه وتعالى غني عن الشكر قال تعالى: {وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} حتى ربط الله سبحانه وتعالى العبادة بالشكر قال تعالى: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ}.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من لم يشكر الناس لم يشكر الله).. وهذا دلالة على أهمية الشكر بين الناس ألا بشكر الله تدوم النعم واعتاد بعض الناس على أن يشكر لله سبحانه وتعالى فقط فعند مراجعة ثقافتنا الحاضرة نلاحظ أن أبجديات الشكر والثناء بين الأفراد قد تكون شبه مفقودة أو قد تراهن على أن شخصاً لم يشكر ولم يثن على شخص منذ فترة طويلة من الزمن، واعتاد البعض على جبلة شكر الله ثم من هم أصحاب قرار على المستوى الشخصي والمادي والإداري، ولكن أن تشكر زميلك في العمل أو صديقك أو أخاك على صنيع قدمه لك أو تُثني على ملبسه أو سيارته أو منزله أو منطقه الجميل فهذا قليل، فأصبح معظم الناس لا يأبه أن يقدم صنيعاً لآخر أو يفرح بامتلاك شيء يرغب التباهي فيه لأن معظم الناس ليس لديهم الذوق العام المناسب للتقدير، لكنهم جاهزون لتوجيه النقد للآخرين حتى مع الأسف بين الأزواج ثقافة الشكر والثناء قد تكون مفقودة فزوج لا يشكر زوجته على صنيع جميل من لبس أو كلمة أو وجبة جميلة أو إحداث تغيير مناسب في المنزل فالشكر والثناء غذاء الروح وإكسير العلاقات الجميلة بين الأفراد على مختلف المستويات الاجتماعية والإدارية.. فعلى سبيل المثال تجد أن بعض المديرين يشكر ويثني على موظفيه على أبسط الأمور فتجد لديهم رضا وظيفياً عن الإدارة يتبعها زيادة في الإنتاج، فالشكر والثناء يخلق روحاً من الصفاء والمودة والرحمة والحب المتبادل فكلمات الشكر والثناء كثرٌ وسهلة وليست بصعبة، بل هي أبسط الكلمات مخارج من الحلق فأذكر في بداية التسعينيات الميلادي في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء الدراسة العليا سألتنا إحدى مدرسات اللغة بل أقول مدرسة (الأمركة لأن فترة اللغة ليست للغة فقط وإنما تعليم النظام والحياة الأمريكية) عن مفتاح العلاقات الاجتماعية الجيدة فاحترنا بالجواب شمالاً ويساراً حتى قالت هي ثلاث كلمات (الشكر والثناء والاعتذار) فقلت في نفسي إن ذلك في ثقافتنا الإسلامية التي مع الأسف طغى عليها ثقافة اقتصاد الآخر وعدم الرضا حتى عن النفس والآخرين حتى وصل بي الأمر أن أقول لنفسي المثل الحجازي: (بيع البيض على سالقينه) لأن ذلك لدينا في القرآن والسنة.. ومن وجهة نظري أرجع أسباب نقص ثقافة الشكر والثناء في مجتمعنا إلى عدم الاهتمام بها داخل الأسرة والمدرسة لأن كلمات الشكر والثناء تدخل في باب التربية والتعليم، فلو شكر أو أثنى أحد الوالدين على الآخر لطرب الأبناء لها وغرد بها خلال علاقاته الاجتماعية، ولو أن المدرس أكثر من الشكر والثناء على بعض الأداء الحميد بين طلابه لتبادل الطلاب فيما يبنهم أنغام الشكر والثناء.. فهل لنا من وقفة مع مناهج في الصفوف الدنيا لتعلم ثقافة الشكر والثناء ومراجعة التعامل بين أفراد الأسرة.
drdhobaib@hotmail.com