ضيافتان تبادلهما أهالي عنيزة وبريدة بحفاوة وكرم وفادة وهو ما ليس بمستغرب على أهل القصيم، كان آخرهما ضيافة أهلنا في بريدة لنا مساء الخميس الفائت حين جادوا علينا بسخاء طوال سبع ساعات بعبق فواح من المحبة ومشاعر الأريحية الصادقة، فلهم أجمعون أرفع أجمل معاني الشكر والامتنان وأخص بأعذبه أبا خالد - الشيخ إبراهيم الربدي رئيس مجلس أهالي القصيم وعراب اللقاء.
الضيافتان حفلت بهما الأسابيع القليلة الماضية، وحفلت بالحديث عنهما أيضاً كثير من مجالس المدينتين بزخم ملفت للنظر.. الصوت الغالب والمسموع طرب للمناسبتين وكان مباركاً، رغم ظهور أصوات محدودة تستهجن الهالة الإعلامية التي أحاطت بهما وتصفها بأوصاف عدة، كان من ألبقها نعتها بالمبالغة وحب الظهور الإعلامي. مبرر تلك الأصوات أن لا جديد في الامر يستوجب الإبراز.. فالضيافة والزيارات بين الأهالي قائمة منذ قرون ولم تنقطع، بل هي بمعدل شبه يومي، شخصياً يمكنني تأكيد صحة تلك المعلومة، فالدعوات والزيارات الفردية والأسرية لم ولن تنقطع -بإذن الله- لبواعث متعددة.. منها صلة الرحم واشتراك أسر هنا وهناك بذات النسب يجمعهم الجد الواحد، والتصاهر والصداقات الوثيقة وأخيراً المصالح المادية المشتركة كالتجارة، تلك حقيقة وأمر واقع هو بغنى عن الإثبات أو التسويق، ولكن أمراً مختلفاً يشرق اليوم وللمرة الأولى، ذاك بأن يتبنى سعادة محافظ عنيزة وأعيان وممثلو الأهالي بالمدينتين مشروعاً رائداً لطالما دعت إليه القيادة الحكيمة ممثلة في صاحب السمو الملكي أمير منطقة القصيم ومن خلفه نائبه - حفظهما الله- ألا وهو التكاتف والتكامل للمشاركة في تنمية المنطقة ومجتمعها.. لذا فإنني أجد عذراً للمستهجن حين فاته فهم المغزى من تلك الزيارات.
حكومتنا الرشيدة ولعقود لم تأل جهداً لدفع عجلة التطوير وتنمية المنطقة، ولعل تسارع حركة تلك العجلة في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -أعزه الله- أمر مشاهد، تنبئ به مشاريع خير عمت المنطقة كافة كما هي بقية مناطق الوطن الحبيب في مجمل القطاعات، يتقدمها التعليم والصحة والمواصلات والخدمات البلدية بتمير، تلك المشاريع وما توفره للمواطن من خدمات إنما هي حلقة رئيسة ووثيقة كما يؤكد ذلك ولاة الأمر تستوجب سلسلة التنمية وصلها بحلقات تُصاغ بأيدي المواطن الشريك ليكتمل العقد.
بتجرد من لغة العاطفة.. أجد تلك الشراكة تخطو ببطء في جوانب عديدة منها، فالقصيم حباها الله بمؤهلات جغرافية وإمكانات طبيعية مهملة الاستثمار، ويفوق ذلك فيضها بذوي همم وقدرات فكرية وتقنية ومالية رائدة، هي ليست وليدة اليوم، بل ضاربة في عمق التاريخ ومتوارثة منذ أمد بعيد، حين كانت تشد الرحال وتركب الصعاب والبحار لطلب منفعة العلم والمال.. وفي بقاع يجد أحدنا اليوم كلفة في بلوغها متكئاً على مقعده الوثير عبر السماء رغم وفرة مقومات النجاح والإبداع إلا أن المنطقة ما زالت بكراً على الاستثمار.
رجال الأعمال وأصحاب المال من رحم القصيم -ممن هم مقيمون على أرضها أو خارجها- أوجدوا للقصيم بصمة مميزة في عالم التجارة والصناعة والخدمات المالية، ليس على المستوى العربي فحسب، بل تجاوز إلى العالمية، وليس هنا مجال لتعداد الشواهد، ولهم بطبيعة الحال دورهم وأثرهم الإيجابي في دعم وتنمية اقتصاد المملكة، لعدد منهم - كل في مسقط رأسه- مبادرات استثمارية أو تبرعات لمشاريع اجتماعية مشكورة، ولكنها تبقى دون المؤمل والمرتجى، فهل حان وقت صياغة حلقات عقد القصيم؟
هل يمكن للقصيم خلق قاعدة صناعية غذائية متقدمة يضاهي نجاحها ما حققته سابك في البتروكيماويات؟
هل يمكن للقصيم بناء منارات ذات كفاءة للتعليم العالي تستقطب طلبة الجامعات من داخل وخارج الحدود؟
هل يمكن جعل القصيم -وبنكهة غير تقليدية- مقصداً للسياحة والفائدة على مدار العام، تغني عشرات آلاف الأسر السعودية عن السفر للخارج؟
هل يمكن أن تحقق القصيم يوماً 0% في قوائم الفقر والبطالة والأمية؟ وأن تكون مركزاً لوهج نشاط اجتماعي محيطه حدود المملكة؟
تساؤلات موجهة لذوي الهمم والحس الوطني من رجال الأعمال في الوطن الكبير، وأخص بها أهل القصيم، بالنسبة لي وبتجرد أيضاً من العواطف فجوابي بملء فيّ.. نعم، وأراهن بعون الله على ذلك، لِمَ لا؟ لِمَ لا في وسط يتوفر فيه: المال، بيئة العمل، الكفاءات الإدارية والتقنية، القرار السياسي والمباركة الحكومية، وأخيراً.. تاج لمقومات النجاح تلك مساندة ودعم لا محدود من راعي نهضة القصيم وأميرها.
حان وقت التكاتف والتكامل، حان وقت سيادة الحكمة ووأد ندها لتتحقق مصلحة المواطن والوطن، فهل نجيب نداء العقل ونتكاتف لنصوغ بقية الحلقات يا رجال القصيم؟
عضو لجنة أهالي عنيزة