قبل أن أبدأ مقالي هذا - قارئي الكريم - اسمح لي بأن أسألك عن كرمك وعطائك فهل أنت من النوع المعطاء للآخرين أم أنت من النوع البخيل في عطائه المادي والمعنوي.. فإذا كنت قد غيبت العطاء عن حياتك فلا تتم قراءة المقال وانصرف إلى قراءة غيره فأنت لن تعرف أبداً معنى الحب الحقيقي،
وأقول.. ربما فتنت بمظهر زائف مخادع وكلمات تدير الرؤوس، ربما وقعت في الهوى لفترة لا بد لها أن تنتهي لكن أن تحب حبا حقيقيا فهذا محال..
فالحب الحقيقي الذي هو أمنية كل واحد منا هو في رؤية قرار تتخذه فأنت إما أن تختار الحب ليكون رفيقا حاضرا في دربك أو أن تختار الحياة بجفاف مع الحب العادة البارد الذي يعيشه كثير من الناس.
هذا الحب يعاني تفاهما وانسجاما عميقا قد يتحلل لأول وهلة أو ربما احتاج تحققه إلى مرور الزمن حتى تعرف الروح شقيقتها وتألفها وتسعد بها.
هذا الحب.. يعني أن تستطيع الإحساس بالآخر وكأن أعصابك قد امتدت إلى كيانه فتفهم احتياجاته وآلامه وتعينه على تحقيق هذه الاحتياجات والتغلب على ما فيها من الأحزان.
الحب الحقيقي.. دعم متبادل في وقت الحاجة وإحساس بالحبيب المساند المعين في كل الظروف.
هو حب يزيد مع الزمن بازدياد أخلاقياته ومرور الزمن عليها بعكس حب الصور الذي يخبو بازدياد الوصل هو حب يدفعك إلى الارتقاء بالمحبوب كلما ارتقيت بنفسك فلا تسمح لأي فجوة بالظهور في علاقاتكما بالفجوات كلها إلى مصير واحد هو الجفاف والبعد.
الحب الحقيقي هو حب لا معصية لله فيه وليس فيه ما حاك بالنفس وكرهت أن يطلع عليه الناس هو حب للبناء والعطاء والتعاون.
الحب الحقيقي يعني الوفاء الذي يزيده رقيا فلا مخلوق في الوجود بقادر على أن يحل مكان المحبوب مفتوحة فتقدمها على مثالبه وأخطائه دون أن تترك نصيحته وتوجيهه متى احتاج إلى ذلك.
وهو أن تمتلك القدرة على التعامل معه بتسامح وبصدر رحب ما دام يمتلك الصدق والرغبة في العودة فتكون معه بإيجاد العذر سائرا ومعينا.
الحب الحقيقي..
أن تستنفد المستطاع والوسع في محاولة دعم المحبوب وإيصاله إلى بر الأمان لعل صدق هذا يكون بالدعاء له في ظهر الغيب استنزالا لعون الله وطلبا لتوفيقه فهو الأقدر على العون والتوفيق للخلق أجمعين.
هذا الحب الذي أتمناه لكل الناس هو مع كل الناس فهو بين الزوجين والاخوة والآباء مع أبنائهم والأصدقاء في رحلة الحياة هو بين الراعي والرعية ومع الأرض في سحرها وتملكها لجزء من العشق أما مصدره فهو في كل مكان هو حولك فغب منه أنى التفت واستكثر فهو مشاركة وتعاون وإسعاد وإحساس.
وان اعظم صورة للحب الحقيقي تتجسد في حب أحباب الله فهم يصوغون للحب في الرحمن معاني ترتقي بالنفس حتى يكون أهلا لذلك في ظله يوم لا ظل إلا ظله..
هم القريبون وان بعدوا قد سكنوا السويداء وامتلكوها، لا لشيء إلا لأنهم مع الله فمهما كان بيننا وبينهم من الثنائي إلا أن صورهم تبقى على الأهداب معلقة فتبقى تطل في العين والقلب في كل حين ويبقى الرجاء في الودود القدير أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته إخوانا على سرر متقابلين.