Al Jazirah NewsPaper Monday  16/02/2009 G Issue 13290
الأثنين 21 صفر 1430   العدد  13290
المزايدون
خلوفة بن محمد الأحمري

 

منذ أن بدأ الانتداب البريطاني على أرض فلسطين وبدأت الهجرات اليهودية تتوافد إلى أرض فلسطين من جهات العالم تحقيقاً لوعد بلفور بإيجاد وطن لمن لا وطن لهم، لينطلق الصراع العربي الإسرائيلي، ولتبدأ مرحلة عصيبة في منطقة البلاد العربية بأسرها. ومنذ ذلك الحين تعاقب على الكيان الصهيوني رجال ونساء برؤية واضحة وهي الاحتلال والاستيطان والتطبيع والقمع وزرع القلاقل والاستحواذ على مصادر الإعلام والرهان على كل هذه القضايا. واستطاع الكيان في وقت وجيز أن يحقق الكثير مما أراد. وفي كل حادثة وواقعة يكون للعقل العربي خصوصاً والإسلامي عموماً نظرة وتلونت على مدار الستين عاماً عمر الكيان الذي قام على جماجم ورفات أهل فلسطين.. تتقلب الآراء تجاه العدو الصهيوني خصوصاً والقضية الفلسطينية عموماً، وتتباين المواقف بين ضعف وانهزام وتأخر، والشواهد يعج بها التاريخ. غير أن المملكة العربية السعودية جعلت من القضية الفلسطينية هاجساً لها، وتبنت هذه الأرض الطاهرة قضية فلسطين قلباً وقالباً وجعلتها ضمن أولوياتها الداخلية والخارجية، وكان هذا دأب المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود الذي قال (والذي يجب أن يعرفه العالم أننا لن نتنازل عن قضيتنا الفلسطينية مهما كلفنا الثمن). وهكذا ظلت هذه القضية في قائمة اهتمام المملكة ومحور حديثها وبذلت لأجلها الغالي والنفيس، وقدم ملوكها من المواقف والبذل والعطاء ما لا ينكره إلا جاحد معاند مزايد. إن جهود المملكة تجاه أهل فلسطين ليست وليدة اليوم ولن تكون على عتبة الغد القريب بل هي القضية الأولى على قائمة اهتمام المملكة، وهي تحرص أن تجعلها في مكانها اللائق بها في كل محفل وميدان. لقد سخرت المملكة كل طاقاتها وجهودها ومكانتها المحلية والإقليمية والدولية لأجل القضية الفلسطينية، وقدمت ما لم ولن تقدمه دولة أخرى، ومع كل هذا فهي حريصة على أن تكون في صف العرب والمسلمين يدها بأيديهم ورأيها من آرائهم وموقفها صفاً واحداً وصوتاً واحداً. لم نعلم أن المملكة انفردت أو تأخرت طوال الستين عاماً عن جو الرأي العربي والإسلامي، بل هي السبَّاقة لكل ميدان عندما تعلم أن فيه خدمة للقضية الفلسطينية. ومع شديد الأسف وبالغ الأسى عندما أصبحت القضية الفلسطينية في محك تاريخي وتحول مفصلي ومنعطف مهم، تحولت بعض الأقطار والتوجهات والشخوص إلى المزايدة على مواقف المملكة، وظهرت لنا أصوات خرساء ووجوه غير مألوفة على المسار الفلسطيني، فلعل عمرها على الساحة الفلسطينية لا يزيد على أعوام معدودة إن لم تكن شهوراً عقيمة. والذي لابد أن يعرفه كل العرب والمسلمين أن قضية فلسطين هي خيار المملكة وقدرها، وكل حضور من دون المملكة مجرد ورقة ناقصة الأهلية والكفاءة. إنني أتساءل بكل ألم أيفتى ومالك في المدينة..؟! من أين للقضية الفلسطينية أن ترى بر الأمان والمزايدون عليها بلا تاريخ مشرف.. عقيمون عن إدارة الصراع.. حديثو عهد بقضية عمرها ستون عاماً.. إن الواقع يا سادة يفرض نفسه ويقدم وثيقة الحقائق من دون مزايدة.. إنها المملكة صمام الأمان ومحور القوة.. وصاحبة المواقف الخالدة، الثابتة الصادقة، الجوهرية.

إن مسار المملكة على كافة الأصعدة ليس حديث سمر أو خواطر مسافر أو تخرصات محموم، إنها مواقف صامدة، وتعهدات لا تعرف التراجع أو التراخي، وجهود معروفة تذكر فتشكر، ومواقف خالدة.

إن جميع العرب والمسلمين يعرفون القضية الفلسطينية من خلال مواقف المملكة بقادتها ورجالها وشعبها. إنك تستطيع أن تسأل رجلاً مسناً أو امرأة هرمة عن دور المملكة في مسيرة القضية الفلسطينية، فيجيبك بكل مواقف الشجاعة والبسالة والتضحية لهذه البلاد من أجل قضية المسلمين الأولى، سيقول لك إن المواقف ثابتة والعطاء مستمر والبذل مستمر. إننا في مرحلة تاريخية حاسمة، يثبت فيها الصادقون الأوفياء ويحاول فيها بعض المزايدين أن يوجد لهم خانة بين العظماء، لكن هيهات.. هيهات.. فاز السبق، وظهر الحق. شكراً لكل منصف يعرف الحق، ولا يزايد عليه، وستظل المملكة كما عهدها أهل فلسطين والعرب والمسلمون، مساندة لكل قضايا الأمة، باذلة في ذلك كل الإمكانات، فلا مزايدة أرجوكم.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد