في لقاء مع الشاب المتألق أحمد الشقيري أجراه المحاور الإعلامي تركي الدخيل في برنامج (إضاءات) أوضح الشقيري أنه بصدد إخراج برنامج بعنوان (لو كان بيننا) وهدف البرنامج أن نتخيل الرسول في زماننا الآن وليس أن نتخيله قبل ألف وأربعمائة سنة؟! وفكرة البرنامج عبارة عن مجموعة من المواقف التي يختارها فريق العمل للجمهور ثم يسألونهم السؤال التالي: لو كان الرسول في مكانك ماذا سيفعل؟
الحق أنها فكرة رائدة وجميلة وأنا اليوم في هذا المقال أقتبس نفس الفكرة وأتخيل أني أسأل امرأة فأقول: (لو كان الرسول تقدم لخطبتك لتكوني زوجة له ما قرارك؟)
هل ستوافقين مباشرة؟ أم ستفكرين؟ أم توافقين بشروط؟
حسناً.. احتفظي بإجابتك في ذاكرتك ودعينا ننتقل إلى مدينة رسول الله (وبالتحديد مع أم سلمة زوج النبي).
تقول أم سلمة لما توفي أبو سلمة أرسل النبي بحاطب بن أبي بلتعة يخطبني له فقلت له: (إن لي بنتاً، وأنا غيور؟) فقال: (أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة).
أعرف أن الكثيرات أجابوا على سؤالي: سأوافق مباشرة فمن أكرم من رسول الله زوجاً؟
لكنّ أم سلمة وافقت بشروط - إن صح التعبير - ! وهنا أقف وقفة مهمة تدعونا للتأمل في علاقاتنا على وجه العموم.
إننا حينما ندخل مع الآخرين في علاقة ما -مصاهرة أو تجارة أو عمل مؤسسي- ينبغي أن ندخل بالعقل وليس بالعاطفة؛ لأننا إن لم نفعل ذلك نخسر أشياء كثيرة كان بالإمكان تلافيها قبل الدخول؟! وهنا أعود لجواب أم سلمة فذكرت عقبتين لها (البنت، والغيرة) وهذا نوع من التفكير بالعقل لأنها لن تضيع ابنتها مهما كلف الأمر! وتخشى من أن غيرتها يضيق عنها رسول الله فيغضب عليها؟ وهذا أشد من ترك الزواج به؟! والعقل يقول أيضا إن عدم زواجي منه لا يعني أبداً أني لا أحبه!
أعرف أنه جواب صعب جداً - حتى على أم المؤمنين- لكنه الحق، فكم نخسر كثيراً عندما توافق البكر على الزواج من أحد أقاربها وهي في قرارتها غير مقتنعة تماماً به لولا أن عاطفة القرابة دفعتها لذلك!
وكم تكبر فجوة الأصدقاء بعدما قربوا كثيراً في مشروع تجاري دون اتفاق مسبق على طريقة التجارة ويبدؤون بسياسة(ما نختلف)؟! ثم ينتهون على راية (الوجه من الوجه أبيض) والسبب الاعتماد على عاطفة (الخوي)!
وفي الجانب المظلم كم يستغل الذئاب البشرية عاطفة المرأة عندما يريد أن يهتك شرفها بوعده إياها بالزواج منها بعد ذلك؟
إننا عندما نختلف مع الكهربائي الذي يصلح المذياع على سعر التصليح قبل أن يصلحه ثم يوافق على سعرك الذي اخترته، ربما تزيده بعدما ينتهي من إصلاحه، وتتوقع أنك لم تستفد من (المكاسرة) شيئاً! والحق أنك دخلت بعقلك وخرجت بعاطفتك وهذا هو المطلوب!!
محمد عبدالله العبدالهادي
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
aboanus@hotmail.com