من المعلوم أن العلاقة بين المربّي والمتربّي، والمعلّم والمتعلّم يجب أن تكون قائمة على الودّ والتفاهم والاحترام والتقدير؛ شاملة على الرحمة واللين؛ متصفة بحسن الخلق وحسن التعامل؛ وهذا الأمر قلّ أن تجد أحداً من المربين يجهله، ومع ذلك فإننا نلاحظ في بعض مؤسساتنا التعليمية ومن بعض منسوبيها وممن تصدروا لمهنة التربية والتوجيه لا يعطون الطالب أيّ تقدير واحترام، وكأنه أجير بين أيديهم!! ترى ذلك المربي وبسبب ضغوط الحياة المتعددة أو بسبب مشاكله الاجتماعية وربما النفسية يُنزل جام غضبه بذلك الطالب الذي لا يملك لنفسه حولا ولا قوة، والأدهى من ذلك والأمرّعِلْم مديره المباشر بتصرفات ذلك المعلم، والذي لم يحرك ساكناً، ولم يقم بأي توجيه، ونحن جميعا نعلم أن أي عقاب يُهين كرامة الإنسان ويحطّ من قدره كالتوبيخ العلني، وتوجيه الكلمات النابية إليه، أو مجرد التهديد بالعقوبة القاسية فهو عقاب تزيد أضراره حتماً على فوائده. بل إنه في كثير من الأحوال، دليل على عجز فاعله عن حل مشكلاته بالتفاهم والحنان، والحوار الهادئ البنّاء، فكيف بمن يضرب الجسم ويصفع الخد؟!. وعلماء التربية يكادون يجمعون أن الولد إذا عومل من قبل معلميه المعاملة القاسية وأُدّب من قبلهم بالضرب الشديد والتوبيخ القارع، وكان دائما الهدف في التحقير والازدراء والتشهير والسخرية فإن ردود الفعل ستظهر في سلوكه وخلقه، وأقلها كرهه لمدرسته ومعلميه، وإن ظاهرة الخوف والانكماش ستبدو في تصرفاته وأفعاله وقد يؤول به الأمر إلى الانطوائية أو العدوانية، ومن ثم تردي تحصيله الدراسي بسبب ما يعانيه من القسوة الظالمة والمعاملة الأليمة. لذا ، على وزارة التربية والتعليم ألا تقف عند حد إصدار التعاميم التي تمنع العقاب، بل لابد من متابعة ذلك من خلال إنشاء مجالس حقوق الطلاب في كل مؤسسة تعليمية أسوة بجمعيات حقوق الإنسان، يعيّن فيها الأكفاء ويكون مرجعهم المباشر الوزارة، وأن تعطى لهم الصلاحيات الإدارية الكاملة والتي تكون كفيلة بحماية طلابنا من بعض التصرفات غير تربوية من قبل بعض المعلمين والناتجة من مشاكله الأسرية أو النفسية وأن تشعر هذه المجالس الطالب بعظم مكانته وعظم قدره، وأن تشيع جواً من الأمن والطمأنينة، والاحترام والتقدير في ذلك المحضن التربوي التعليمي.
والتوجيه الرباني يقول:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ..} {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}..
فهذان خطابان وتوجيهان كريمان لأنبياء الله - عليهم السلام- فمن باب أولى أفراد الأمة جمعاء.
Saad.alfayyadh@hotmail.com