عندما أضع لك قائمة من الكتب الممنوعة التي يجب أن لا تقربها فأنا أصنع ضدك ثلاثة أمور:
- أستغبيك
- وأسرقك
- أسعى للسيطرة عليك.
فالاستغباء يكون بأنني أفهم أكثر منك، وباستطاعتي أن أفرز الصالح من الطالح بصورة أفضل منك، وأن الله سبحانه وتعالى قد وهبني قدرات ذهنية ووعياً يتجاوز بمراحل تلك القدرات التي تمتلكها، لذا يجب أن تطأطئ رأسك وتنساق خلفي (كالطلي) بعيداً عن قائمة هذه الكتب التي سيقفز من جنباتها ذئب ويلتهمك، إذا لم تماش القطيع وترضخ لقائمة المحاذير التي ألوح بها.
وسأسرقك عندما أسرق أغلى ما تملك... عمرك... وجزء من تدرج تجربتك في النضج والنمو، وأحرمك من تطوير قدراتك العقلية على الفرز والغربلة والمقارنة بين جميع تجارب الحياة من حولك، وسأمنع عنك شتى أنواع الخبرات التي من شأنها أن تصقل وعيك وتجعلك أكثر سيطرة على ظروف محيطك والصعوبات التي قد تتعرض لها في مسيرتك المستقبلية.. وسأسرق تذكرة رحلتك إلى غابة الحياة لأن تلك الرحلة وحدها هي التي ستبرز لك الفرق بين ملمس الحرير الرقيق وجلد الثعبان السام.
وسأسيطر عليك لأنني من خلال هذه السيطرة سأصنع أمبراطوريتي، التي تجعل مني مرجعك الوحيد ومآبك وخيمتك في صحراء الحياة، ولن تعرف بئراً تغرف منه ماء الجواب سوى بئري، وسأتحكم عندها في جميع تفاصيل حياتك من علاقات اجتماعية ومأكل وملبس ونوم وصحو وسفر....... إلخ وجميع ما يحيط بك، سأجعلك معلقاً بخيوطي الخفية لأحركك كدمية خشبية بلا حول أو قوة، عندها سأحشو دماغك بقراطيسي ومدوناتي التي أتأكد أنها ستدخلك في غيوبة من الخضوع والإرادة المغيَّبة والوعي المستلب.
المعرفة قوة والأمم والشعوب في الوقت الحاضر تنزع جميعها للتحول نحو مجتمع المعرفة كحلم ووسيلة فائقة السرعة لدخول الغد، وحجب المعرفة وإقصاؤها خضوعاً لمنظور رؤية أحادي، جريمة تُرتكب في حق المجتمعات.
تذكَّر الأسطورة اليونانية أن برومثيوس حينما علَّم الإنسان سر النار، عاقبته الآلهة بصلبه على صخرة، وسلَّطت عليه صقراً يأكل من كبده، عقاباً له على العبث بالنار وضوء المعرفة الذي هو سر الحضارات البشرية.
والمفارقة تظهر لنا على المستوى المحلي عندما نجد أن المدارس الحكومية جميعها بشقيها (بنين وبنات) مغيَّبة عن الزيارات الصباحية لمعرض الكتاب، قطاع هائل من المجتمع مبعد عن منجم من المعرفة وحقول من الوعي تحتويها ممرات معرض الكتاب القائم الآن في الرياض، وهو (على فكرة) معرض رسمي تشرف عليه مؤسسة حكومية.
هل هناك قوائم من الكتب المحذّر منها.... هل هناك من يحاول أن يستغبي، يسرق، أو يسيطر على أجيالنا القادمة؟