قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} من وقف على هذه الآية وقفت تدبر وتفكر وأنزلها على واقع الناس اليوم ليرى حقاً أنها آية كونية مذكورة في آية شرعية، وقد قال الله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} فما من مصيبة تقع في الأرض فيطال المرء منها نصيب إلا وله في حصولها سبب ودخل صغر ذلك السبب أم كبر، قل أو كثر، خفي أو ظهر، شعر به أو لم يشعر، وقد يكون السبب إن لم يكن من أعظم الأسباب سكوت ذلك الذي ناله شيء من مصيبة المصاب الأول على المنكر وهو قادر على إنكاره فقد قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ}، وقال الله سبحانه لعموم الناس: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} قلة الأمطار، والنقص في الثمار، والارتفاع في الأسعار، وعدم البركة في الاعمار لدى الكثير من الناس، وكثرة الحروب والزلازل والفيضانات والأمراض والمجاعات.. وغيرها كثير كلها آيات كونية ظاهرة دالة على مصداق وعيد الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}... الآية ولكن الله تعالى فعل ذلك وبين الحكمة من فعله هذا فقال: (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، بمعنى أنهم إن رجعوا إلى الله وتابوا من ذنوبهم عادت حالهم على ما كنت عليه أو أحسن، {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} فعلى كل مسلم أن يتفقد نفسه ويتهمها ويقول ربما أتى الناس من قبلي فعلام أكون كمن قال الله عنه {إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا} أي أشقى القبيلة فعقر الناقة، فمن لم ينكر عليه هذا المنكر ناله العذاب كمن باشر الفعل (وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى).
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً
*حائل