الرياض مدينة تضمّ مدناً كثيرة؛ بها ما يسمى أحياء، جمع حي، وهو ما يسكنه الناس، كشرق وغرب وجنوب وشمال الرياض، والشمال دائما هو مهب الرياح الموسمية للمطر، والمتتبع لأخبار المطر يجد أنه ينزل على الشمال مبكرا فتخضر الأرض وتنمو الزهور...
ونرى الكمأ مجنيا من الشمال، ويقول العامة في أمثالهم (الحيا شمال) كما أنهم يقولون (خلك شمالي) أي غير سريع الغضب، وغالبا ما تنمو المدن بوجه عام وتتجه شمالا، ويكون الشمال أكثر رغبة من غيره من الجهات في المدن النامية.
وفي الرياض نجد المحظوظ من يمتلك سكنا في الشمال؛ لأن الأغلب لا يستطيع الآن السكن شمالا، خاصة أن سعر المتر المربع قد تجاوز في الشمال الحد المعقول والمقدور عليه من الغالبية نقدا وعدا.
والشمالي (أعني شمالي الرياض) لا يعاني من انقطاع الماء أو الكهرباء، أو غيرها من الخدمات، كما أن خدمة دي إس إل عنده أكثر براعة من غيرها ولا تنقطع أو تبطئ في الطلب، وساكن الشمال يترك سيارته الفخمة والمغرية والثمينة عند بابه ولا يكسر زجاجها أحد، غير أن الشمال يختلف كغيره؛ ففيه بؤرة الشمال وأطراف الشمال، وكلها مفضلة مبجلة.
ووجه الساكن بالشمال يجيء أكثر نضارة وبهاء، وأساريره تبتهج دائما؛ لأنه يسكن الشمال وله حسن الفأل، وساكن الشمال يذهب في إجازته لأوروبا ويعود بعد ثلاثة أشهر ويجد بيته كما تركه، حتى أن الغبار الذي تعج به بيوت أخرى نتيجة الحفريات لم يعد يدخل منزله المتكامل الخدمات منذ أمد، أما غيره فلا يزال العمل يجري لاستكمال هذه الخدمات.
وساكن الشمال معذور دائماً، ويستميح الناس له العذر مهما أخطأ، حتى أننا قد ورثنا المثل الشعبي القائل (شمالك يمين وعجفاك سمين)، أرأيتم كيف يبرر له بأن يده الشمال مثل اليمنى عند غيره وأن العجفاء وهي الهزيلة منه تعتبر سمينة!!
هذه بعض مناقب السكن في الشمال لمن يملك خيارا في أن يسكن في الشمال، ولعل الله أن يوفقنا فنتحول إلى الشمال، ويكون لنا حسن الفأل والله عنده حسن المآل.. فهل تكثر الهجرة إلى الشمال؟!! نسأل الله ألا نأخذ كتابنا يوم الحساب العسير بالشمال.
abo_hamra@hotmail.com