القاهرة - مكتب الجزيرة - نهى سلطان
أكد خبراء ومفكرون ضرورة الوصول بقيم الحوار بين الحضارات إلى الشعوب وعدم قصرها على النخب مشددين على أن الفتن الطائفية التي تثار بين الشعوب هي صراعات سياسية في المقام الأول ولا علاقة لها بالدين وتحمل في طياتها أهداف سياسية وتخريبية موضحين أن الصراعات السياسية تتخذ الدين رهينة في تحقيق أهدافها مؤكدين أن الخطر الحقيقي الذي يواجه الجميع يقبع في التطرف الفكري كما شن عدد من المشاركين في الندوة العالمية التي نظمتها مكتبة الإسكندرية بعنوان (القيم الإنسانية في الإسلام حوار بين الحضارات) هجوما حاداً على المعايير المزدوجة التي ينتهجها الغرب ضد العرب والمسلمين وضربوا مثلا على ذلك بصدور مذكرة بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير مؤكدين أنه كان يجب صدور قرار بتوقيف مسئولي جرائم الحرب التي وقعت بحق الفلسطينيين خلال غزو غزة، مشيرين إلى أن المنظومة العالمية أصبحت تطبق مبادئ حقوق الإنسان بحق الغربيين كاملة، بينما تعيد النظر مرات لمنحها للشرق أوسطيين وغيرهم من الأجناس. وأوضح الدكتور علي السمان رئيس لجنة الحوار بين الأديان والثقافات بوزارة الأوقاف المصرية أن سبب فشل الكثير من المؤسسات التي تعمل على التقارب وحوار الحضارات في الوصول إلى القاعدة العريضة من الشعوب هو اتسام (خطابها بالنخبوية)، مشيراً إلى أن قضية الوقت الحاضر تمثل نقل تلك الأفكار والقيم الحضارية من القمة إلى القاع.
وقال السمان إن المحك الرئيسي للمصالحة التاريخية بين الحق في التعبير والخطوط الحمراء التي تحكم العلاقة بين الأديان من أجل نشر قيم الحوار الحضاري والديني بين الشعوب يجب أن يشمل المنظومة التعليمية والثقافية من أجل الوصول إلى القاعدة الشعبية وأضاف أن الفتن الطائفية التي تثار بين الشعوب هي صراعات سياسية في المقام الأول ولا علاقة لها بالأديان موضحا أن الخطر الحقيقي الذي يواجهنا جميعا يقبع في التطرف الفكري.
وأوضح الدكتور جورن ديويل روشيسن أستاذ علم الإنسانيات بمعهد الدراسات المتطورة بجامعة (أنسن) الألمانية أن كافة الأديان تشارك في النقاط الأساسية، رغم أن هناك بعض الاختلافات التي لن تختفي بما يمثل السبب في التقارب والنقاش من أجل استفادة تلك الثقافات من غيرها وأشار ديويل إلى أن شدة إعجاب الغرب بالحضارة اليونانية عكست في نفس الوقت أهمية الحضارة المصرية القديمة التي كان ينظر لها العلماء والفلاسفة اليونانيين بوصفها الثقافة أو الحضارة الأم وثمن من قيمة الكتابات الثقافية الهادفة إلى التقريب بين الحضارات مشيراً إلى أن تعدد اللغات والثقافات رغم كونه عائقا، إلا أن تلك المؤلفات يجب أن تنتشر بين العديد من المجتمعات.
فيما أكد محمد الشحات الجندي سكرتير المجلس الأعلى للشئون الإسلامية أنه يجب إزالة التصورات الخاطئة عن الأديان من أجل تحقيق التقارب، مشيراً إلى أن بعض الغربيين ما زالوا يعتبرون الإسلام دينا استعماريا بسبب الوصول إلى الأندلس في أوروبا ووصول الأتراك إلى فينيسيا خلال مراحل تاريخية متعاقبة وقال إن الإسلام ينظر للبشر جميعا بأنهم خلق لله وكونهم خلفاء الله على الأرض مهما كانت انتماءاتهم الدينية، لافتاً إلى اتساع مساحة الإسلام في فهم وقبول الآخر وأضاف الجندي أن البعد عن القيم الدينية والتقارب في الفكر بين الحضارات زاد تمسك الشرقيين بموروثاتهم الدينية في حين اتجه الغرب إلى المادة، موضحاً أن القيم الإنسانية يجب أن تتعامل مع البشر كسواء دون التمييز وفق دين أو جنس أو قومية.