Al Jazirah NewsPaper Wednesday  08/04/2009 G Issue 13341
الاربعاء 12 ربيع الثاني 1430   العدد  13341
مشروع وطني لترشيد النفقات وتقليص البيروقراطية
محمد سليمان العنقري

 

كثيراً ما نسمع عبارات من قبل المسؤولين الحكوميين وحتى رجال أعمال تتعلق بترشيد النفقات وضرورة تقليص البيروقراطية، وبالمقابل نجد تحركاً بطيئاً باتجاه تنفيذ مثل هذه الأمنيات. ويبدو أن الأمر يحتاج إلى فعالية أكثر تقودها جهة مستقلة مهمتها متابعة مفاصل البيروقراطية بالأجهزة الحكومية وكذلك الجوانب التي تعتبر عبئاً مالياً دون فائدة؛ ففي ألمانيا يوجد منصب وزير دولة مهمته التنسيق لتقليص البيروقراطية من خلال علاقة واسعة مع كل الأجهزة الرسمية، ويعتمد على نماذج دولية لحصر النفقات الإدارية ومن ثم مراجعتها وإلغاء كل مظاهر البيروقراطية، وتوجد في أغلب دول أوروبا دراسات دورية تحصر الخسائر التي تسببها نفقات لا فائدة منها سوى الهدر بالناتج الوطني؛ ففي دراسة أُجريت العام 2002 اكتشفت بريطانية أن هناك 458 مليار دولار من الممكن توفيرها باتخاذ بعض القرارات التي تطور العمل الحكومي وعمل القطاع الخاص؛ فالهدر لا تتسبب به الأجهزة الحكومية فقط.

وإذا أخذنا بعض الأمثلة من القطاع الخاص لدينا نجد إصراراً على رفض الإجازة الأسبوعية ليومين مع العلم أنها مطبقة في أحد أهم القطاعات الاقتصادية الخاصة وهي البنوك، ولم يتأثر واقع الاحتياج لخدماتها بشيء، في الوقت الذي تصر فيه شركات ومؤسسات صغيرة لا علاقة لها بالخارج ولا مبرر منطقيا لديها على رفض تقليص أيام العمل إلى خمسة بدلا من ستة؛ فبتخفيض أيام العمل لخمسة فقط سيكون هناك توفير على مصاريف تلك المنشآت من كهرباء ووقود وخطوط هاتف وحتى معدل إنتاجية لدى الموظفين ينخفض نتيجة الإنهاك، يقابل ذلك خطط حكومية لرفع معدل إنتاج الكهرباء نظير القياس على الاستهلاك الحالي وكذلك مشاريع مصافي نفط وصيانة طرق وخدمات بلدية وبيئية والكثير من جوانب الإنفاق غير المبرر، هذا بخلاف قيام بعض المنشآت بالاستمرار في تقسيم العمل اليومي لفترتين؛ ما يضيف تكاليف كبيرة. ولو اتجهنا إلى أمثلة أخرى نجد انحسار دور النقل المدرسي وعدم كفايته بالرغم من الحاجة الماسة إليه؛ فما زالت شوارع المدن تزدحم بالسيارات صباحا وظهرا، والحوادث تزداد، والخروج من العمل لهذا الغرض يتكرر يومياً.. فكم تُنفق من أموال بسبب التوصيل المدرسي فقط من جهات عدة ابتداء من الأسر التي تضطر إلى شراء سيارات واستقدام سائقين واستنفار لأجهزة المرور وتكاليف لا مبرر لها يمكن توفيرها بتغطية شاملة للنقل المدرسي والتخلص من كل هذه الأعباء اليومية، حتى الموظفون تتقلص إنتاجيتهم بسبب خروجهم اليومي والإرهاق والتغيب الذي يؤخر مراجعاً دون مبرر لغياب الموظف أو لتقلص عدد الموظفين المعنيين بخدمتهم في لحظات معينة، هذا بخلاف لو تمت مراجعة الطلبات الخاصة بأية معاملة لوجدنا أن الكثير منها يمكن إلغاؤه بل من الممكن زيادة تفعيل دور البريد كما يحدث الآن لتغطية 70 في المائة من المعاملات التي يتحرك مئات الآلاف من المواطنين والمقيمين لإنجازها يومياً، وما قيام بعض الأجهزة الرسمية بتقليص حجم متطلبات المعاملات بل والاستفادة من التقنية الحديثة إلا دليل على إمكانية تعميم وتطوير ذلك على كافة الأجهزة وحتى على القطاع الخاص الشريك في كل الأعمال التنموية؛ فالاستهلاك والهدر واحد في النهاية من كل الأطراف.

إن الحاجة إلى جهاز فعّال يقوم بأعمال مسح لكافة الإجراءات البيروقراطية وكذلك لكل جوانب الهدر سيضفي في النهاية وفرا ماليا كبيرا، وسيجعل الأجهزة الخدمية أكثر قدرة على تحديد توسعاتها وتطوير الاقتصاد والمجتمع، وسينعكس إيجابياً بما لا يمكن حصره؛ فما سمعناه من ديوان المراقبة العامة من هدر بلغ 109 مليارات ريال ونوقش بمجلس الشورى لا يخرج عن أسباب بيروقراطية كان من الممكن توفيرها، وسيبقى الهدر مستمراً إذا لم يكن هناك تحرك حقيقي تتبناه جهة تكون مسؤولة عن حصره والتنسيق مع كل الأجهزة والقطاعات العامة والخاصة لترشيد نفقات تصب في النهاية في مصلحة الوطن والمواطن.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد