قبل أكثر من سنة ونصف قال لي أحد الأخوة الذين يديرون شركة مرخصة من السوق المالية تنشط في أعمال الوساطة المالية، إن شركتهم قادرة على فتح نافذة لأي متداول يستطيع من خلالها التداول في كافة أسواق المال العالمية، بل وفي كل البورصات (ذهب، بترول،.. إلخ)، وبقدر ما كان صديقي فرحا أصابني الهم والحزن لعلمي أن أموال الشعوب أصبحت في خطر.
حيث أصبح لجهابذة المال ومحترفي التكتيكات الكمائنية تواصل مع كل فرد في أي مكان من العالم، وبكل تأكيد فإن هؤلاء الأفراد لن يفلتوا بما لديهم من علم ومهارات متواضعة من كمائن هؤلاء الجهابذة.
إيميل بعنوان (ياريت اللي يقرا ينشر بسرعة لتعم الفايدة للجميع) جاءني يحذر من سرقة المال من خلال الموبايل قائلاً بأن هناك أرقاما تبدأ بفتح خط لدول افريقية وتركيا وغيرها إذا قمت بالرد عليها أو معاودة الاتصال ستفتح خطك لمدة لا تقل عن يوم كامل، أو يكلمك رجل ويقول لك لقد جاءني رقمك في الحلم وأرسلني الله لك لكي أخلصك من السحر الذي عمل لك، ولهذا الشيء يجب عليك أن تذبح خروفا عند مسجد، أو بقرة تزكي بها، وأن عليك أن ترسل له الأموال لكي يقوم بهذا ليخلصك من السحر ومن الجن، أو ستتعرض لامرأة تروج للدعارة والإباحية ولزيارتها حيث تعد لك سهرة لن تنساها طول عمرك!! وفي يوم كنت أتجول في النت، ووضعت رحالي في موقع للأسهم، ووجدت التوصيات المضللة من أناس لا يخشون الله ولا يخافون من نظام أو سلطة، يشترون الأسهم بأسعار رخيصة بأن يدمروها بإظهار مثالبها، ثم يرفعون من شأنها بعد أن يكونوا جمعوها بأسبوع أو أكثر حتى تظن أن هناك تحولا جذريا في إدارة وموارد تلك الشركة فيبيعوها على المساكين ليحققوا الأرباح الهائلة على آهات البسطاء من الناس، وما كان لهم ذلك لولا هذه الوسيلة (النت المعززة بالهاتف المتنقل) التي مكنتهم من الوصول إلى الكثير الكثير وهم جالسون في مساكنهم.
أعتقد أنه حان الوقت لإيجاد برنامج متخصص تشارك به وزارة الداخلية ومؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية، ووزارة التجارة، ووزارة العدل، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وذلك بهدف حماية ثروة المجتمع المالية من السرقة بشكل جزئي كما هو حال النصابين والمحتالين، أو بشكل كلي كما هو حال هوامير الأوراق المالية من خلال برامج توعوية وبرامج رصد وضبط وادعاء ومحاكمة وعقاب، وهنا أشيد ببرنامج توعوي بدأت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بتنفيذه بعنوان (التقنية.. سخرها لك، لا عليك).
كما أعتقد بأنه حان الوقت أيضاً لأن تنشط هيئة السوق المالية بالترخيص للشركات التي تنفذ مشاريع تنموية بالمشاركة مع القطاع الحكومي أن تطرح سندات تشارك الكتل المالية الحكومية وشبه الحكومية في شرائها لتحفيز المواطنين للاستثمار بها في مشاريع حقيقية ذات أبعاد تنموية تحقق للمواطن الربح الآمن ذا القيمة المضافة، بدل أن يبقى مهرولا وراء السراب الذي تبخر حرارة شمس صيفه أمواله.
alakil@hotmail.com