للملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- رؤيته الثاقبة في تقدير واختيار أفضل القيادات للمناصب والمسؤوليات، وفقًا لقاعدة الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذه الثقة الملكية وسام فخر وشرف لمن يحظى بها، إلى جانب كونها تلقي على صاحبها مسؤولية جسيمة، ولكن جلالته كان على يقين من أن من يختارهم جديرون بالثقة، وقادرون على تحمل المسؤولية، مهما كان عبئها.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز أحد الذين نالوا هذا التقدير العظيم، وهو لا يزال في مقتبل الشباب، إذ عُيَن وكيلاً لإمارة منطقة الرياض، فأثبت للمليك من خلال أدائه والتزامه أنه جدير بتلك الثقة الغالية، بعد أن أظهر قدراته، وأبرز إمكاناته، ونجح فيما أسند إليه من مهام، ليقف كتفًا بكتف، مع عمالقة من رجال الملك المؤسس، ولتواضعه تشرب من كل من تعامل معهم فنون الإدارة وأساليبها، فكانت ملامح شخصيته جديرة بالثقة، وتتميز بالجد والمثابرة والطموح، وقبل ذلك كله بدماثة خلق، والروح الإنسانية العالية، مما هيأ له أن يكون أميرا للرياض. وهذه الصفات كانت كافية لحمله إلى مواقع المسؤولية في كل العهود، فاستمر في عهد الملك سعود -رحمه الله- أميرا للرياض، لتلتقطه عين الفيصل لتضعه في موقع مسؤولية يتطلب اليقظة، وحسن التصرف، مدعومين بروح الانتماء والاعتزاز بهذه البلاد، والعمل على حفظ استقرارها، وتوفير أسباب الرخاء لها، بأمن يستظل به الجميع، وطمأنينة تسكن النفوس، فاختاره الملك فيصل - رحمه الله - ليكون نائبًا لوزير الداخلية، ولما أثبت في هذا المنصب الحساس من كفاءة واقتدار، أصدر الملك خالد - رحمه الله- مرسومًا ليصبح وزير دولة للشؤون الداخلية، ثم وزيرًا للداخلية، وهذا هو المنصب الذي ظل عليه في عهد الملك فهد -رحمه الله-، فقام بدور عظيم استحق التقدير ليس من السعوديين فحسب، وإنما كل العالم، وهو يجفف منابع الإرهاب، محافظًا على هيبة الدولة، ومسترشدًا بالشرع الحنيف، الذي تتخذه المملكة نبراسًا ومنهاجًا.
وهذا ما حدا بالعالم العربي إلى توشيحه بوشاح العزة والافتخار، بأن تم إطلاق جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، لتكون منارة علمية، لتخريج الكفاءات الأمنية، القادرة على صون مكتسبات الأمة، وإنجازاتها، والدفاع عن أمنها واستقرارها، وفق منهج رشيد، يتخذ من الشريعة والعلم أساسًا.
وهذه السيرة العطرة لرجل أخلص وأعطى - ولا يزال- كانت حاضرة أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وهو يتخذ قراره التاريخي بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز نائبًا ثانيًا لرئيس مجلس الوزراء، إلى جانب مسؤولياته وزيرًا للداخلية وهو الذي يمثل عبئًا جديدًا لرجل جبل على المسؤولية، وتحمل عبء الحفاظ على أمن البلد والعباد في مرحلة تاريخية، فاستطاع بصبر وجلد وحكمة أن يتجاوز منعطفاتها، ويصل بدعم القيادة الرشيدة وسلامة منهجها إلى ضفاف الأمن والأمان، لتظل المملكة أبدًا ظلالاً وارفة، عنوانها الاستقرار، وطابعها السكينة والطمأنينة.
وبذلك توجت مسيرة أربعين عاما في وزارة الداخلية نائبًا، ثم وزيرًا لها، علماً أنه لم تمنعه مسؤولياته من الاعتناء بالسنة النبوية وعلومها من خلال جائزة عالمية، وتبني مسابقة دولية لحفظ الحديث الشريف، فمثله يجسد نموذجًا للقوي الأمين، الذي ينبغي أن يتمثله شباب الأمة، وأجيالها الصاعدة، فهنيئًا للأمير نايف بهذه الثقة الغالية، والمسؤوليات المتجددة، وهنيئًا للشعب السعودي كافة.
رئيس مجلس ادارة شركة صدق