قدم مهرجان الخليج السينمائي الذي يختتم فعالياته غداً فرصة مثالية لاطلاع على إنتاج سينما سعودية فردية وكثيفة، تحفر في الصخر.
سبعة وعشرون عملاً سينمائياً بين القصير والروائي الطويل والوثائقي، مثلت المشاركة السعودية الكثيفة في المهرجان، الأمر الذي أصاب المشاركين والمتابعين بالدهشة فهي قادمة من مكان لا يتوفر فيه دار واحدة للعرض السينمائي ولا يسمح فيه بعروض الأفلام السينمائية إلا على مستوى محدود جداً وخجول. إلا أن موضوعات المشاركات تظهر تناولاً واضحاً لقضية تعامل الشباب مع التغيرات الاجتماعية ومحاولتهم للموازنة بين هذه التغيرات ومنظومة العادات والتقاليد الموروثة والسعي نحو مساحة أوسع من الحرية والابتكار في التناول.
من ذلك، (بعيداً عن الكلام) وهو فيلم للمخرجة السعودية هناء عبدالله، وثق لما تمثله الموسيقى كلغة عالمية، حيث الحوار الموسيقي الذي دار بين فرقة تانغو أرجنتينية في زيارتها الأولى للقصيم، ولقاء فرقة دار عنيزة للتراث الشعبي، وتصوير الحوار على أنغام الموسيقى.
ويبدع فيلم (الحصن) في تقديم عائلة صماء تعاني فقدان الأب والأم في حادث مروري ويحاول بطل العمل التعبير من خلال الجيتار.
ليقدم لمعاناة عائلة صمّاء لقي بعض أفرادها مصرعهم في حادث مروري، وتتوالى أحداث الفيلم لتلمس تقبل المجتمع لهم وكيف يواجهون الأحداث بطريقة رمزية مع إدخال لغة الإشارة للصم في العمل.
وفي الجانب الكوميدي يبرز فيلم (حسب التوقيت المحلي) لمحمد الخليف، حيث يتناول حكاية شاب جائع في مدينة الرياض يبحث عن مطعم يتناول فيه غداءه قبل دخول وقت صلاة العصر.
فيما يصور الفيلم الروائي الانتقام للمخرج وليد عثمان، قصة أربعة إخوة يعانون من قسوة ظروف الحياة بعد فراق والديهم، يتورط أحدهم مع أكبر عصابات المخدرات.
ويقدم فهمي فرحات فيلم (أحمد وبابا نويل) الذي يروي قصة طفل أمريكي مسلم يذهب لزيارة أحد أصدقائه خلال عيد الميلاد.
وغيرها الكثير من الإنتاج السينمائي السعودي الذي قدم للعرض طوال أيام المهرجان بشكل لافت ومتنوع.
الحقيقة أن مهرجان الخليج السينمائي يقدم نفسه اليوم كحدث ثقافي وحاضنة إبداع غير ربحية، ليصبح الوجهة المثلى لاكتشاف روائع فنون السينما في المنطقة.
وله دور في ترسيخ الثقافة السينمائية إقليمياً، ومنح الفرصة أمام المبدعين لعرض أفلامهم، وبناء مشروعاتهم المستقبلية.
التوقعات هنا تقول إن السينما السعودية ستشهد تطوراً نوعياً بفضل الجهد السينمائي الخاص لكثير من الكوادر الشابة، التي تقدم هذا الكم والنوع الإنتاجي بإمكانيات فردية، برغم هذا الإهمال للفن السابع ودوره وتأثيره، وغياب وأي دعم أو مظلة حكومية، من المؤسسات المعنية بالثقافة في البلاد، ودون وجود تخصص أو أكاديميات محلية لتطوير هذه المواهب.. لكن الواقع يقول إن السينما السعودية تنمو وستواصل النمو ولو خارج وطنها وتربتها..! إلى لقاء..