Al Jazirah NewsPaper Tuesday  14/04/2009 G Issue 13347
الثلاثاء 18 ربيع الثاني 1430   العدد  13347
المنشود
هامورة سوا، وصك الإعسار!!
رقية سليمان الهويريني

 

كنت سابقاً أحسب أن للسيدات أعمالاً لا يمكن أن يعمل بها الرجال، كما أن للرجال مهناً لا تستطيع المرأة القيام بها! وحين عركتُ الحياة وعركتني علمتُ خطأ اعتقادي السابق! فقد تفوق الرجل على المرأة بالطبخ والتفصيل والخياطة وتصميم الموديلات المختلفة، بل برع فيها حتى كادت تختص به! فلا تعجب حين يتقدم خاطب فيسأله أهل العروس عن مدى إجادته الطبخ! وربما تقلُّ فرص زواجه حين لا يجيده! ولا تندهش عندما تشاهد مسلسلاً يعكف فيه رجل فقير على ماكينة حياكة ليخيط لزوجته وأولاده ملابس العيد! كل ذلك لا يتنافى والشرع وربما يكون معقولاً، ولو تعارض مع الأعراف التي تحولت إلى محظورات مع مرور الزمن.

أما الغريب فهو قيام ممرضة فلبينية تعمل في مستشفى الملك في نجران بالنصب والاحتيال وأخذ أموال المساهمين من بني جلدتها، بجمع مبلغ نصف مليون ريال مساهمات في بطاقات سوا! بحسب ما ذكرت جريدة (الجزيرة).

وقد قامت (الهامورة اللطيفة، أو الجمبري العملاق) ببيع البطاقات وتحويل الرصيد من جوالها بأسعار مخفضة لبعض العاملين بالمستشفى، وعرضت المساهمة على الممرضات في السكن ولحق بهن عمال النظافة! وقد تمت إحالتها للمحكمة الشرعية وحكم عليها بالسجن سنة، ومائة وستين جلدة، وأُخذ عليها تعهد بعدم العودة لفعلتها!

ولم يبقَ لي من علامات التعجب والاندهاش إلا أن آسى على بلدي وأبكي على حاله! فما زالت يد العبث تعيث به فساداً!

فهل كانت هذه الممرضة تؤدي عملها كما يجب؟ وكيف؟! فالتمريض مهنة حساسة ودقيقة جداً وتتطلب اليقظة والانتباه، فكيف لمن تشغله التجارة أن يمارس مهنته الحقيقية بإخلاص وأمانة؟! وكيف جمعت هذا المبلغ الكبير؟ وكيف تحولت المهنة من عمل شريف تتقوت منه إلى وسيلة للنصب والاحتيال؟ وهذه الممرضة ليست وحدها ولم تكن مبتدِعة قط، بل هي مقلّدة سيئة الحظ! فما زال الحوت الكبير - كبيرهم الذي علمهم النصب - يجوس خلال الديار!

تقول إحدى السيدات: تفاجأت بأن سائقنا الخاص يقوم بالسمسرة لجلب (شغالات) هاربات، وسمعت مكالمة جرت بينه وبين أحد الزبائن لإحضار خادمة، وكان الاتفاق بالتسليم ليلاً؛ حيث يستخدم سيارتي لنقل العاملات الهاربات في ساعة معينة بعد الاتفاق معهن!

وتقول: كنت أسمع عن هروب شغالات زميلاتي بشكل ملفت للنظر! وتفاجأت بأن سائقي البعيد عن الشك الملتزم بأداء الصلاة في المسجد، الجاد بعمله هو من يقوم بهذا العمل! وشعوراً منها بالمواطنة، وحفاظاً على استقرار المجتمع قامت بالتبليغ عنه، وتم القبض عليه وإيداعه السجن، وخسرت سائقها، فهل تعرفون سائقاً هارباً من كفيله لينقل هذه السيدة لعملها لحين وصول سائقها الجديد الذي لم يحضر بعد؟!

حقاً.. إذا لم تعمل بناتنا ممرضات في مستشفياتنا، وأولادنا سائقين لأسرنا، وبائعين في محلاتنا وعمالاً في مصانعنا، وإذا لم نعتمد على أنفسنا في نظافة منازلنا؛ فإن العبث سيستمر.

وعندها فلا يتفاجأ أحدكم حين يكتشف أن لدى شغالته مساهمات عقارية متعثرة، فتزعجه باستخراج صك إعسار!

ترى ما اللغة التي سيكتب بها صك الإعسار؟!

rogaia143@hotmail.Com
ص. ب260564 الرياض11342



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد