جاء تعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية في منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء قراراً تاريخياً في مسيرة دولة الوحدة والعقيدة.. المملكة العربية السعودية، فالأمر الملكي الكريم الصادر بتاريخ 30-3-1430هـ، قرار كريم وإرادة ملكية كريمة تُعبِّر عن مدى الرؤية البعيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه-
وبُعد نظره وإدراكه للأمور ومعرفته بالرجال وحسن تقييمه للمواقف، فالأمير نايف بدون أي مقدمات هو ابن مؤسس المملكة وباني الوحدة وأخ للقادة الحكماء الأكفاء الأوفياء، هو الأمير الذي يملك سجلاً حافلاً بالأعمال والإنجازات للوطن والمواطن والمقيم والحاج والمعتمر والزائر، وهو النموذج الأمثل للقيادة والريادة والنموذج الأمثل للعمل البنَّاء والنموذج الأمثل للحكمة ووزن الأمور.. ذلك كله على جميع الصعد محلياً وخليجياً وعربياً وإسلامياً ودولياً.
وكما قيل إن الناس شهود الله في أرضه فلقد شهد تعيين سموه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء فرحة عارمة في أرجاء الوطن وتناقل الناس الخبر بمزيد من البهجة، وهنأ الناس بعضهم بعضاً بالخبر السار في المجالس وأروقة العمل والأسواق والمنتديات ورسائل الجوال والصحف والقنوات الفضائية وغيرها.
لماذا فرح الناس وهنؤوه وهنؤوا أنفسهم؟ ولماذا تميز هذا القرار التاريخي بمثل هذا الصدى وردة الفعل المستبشرة؟ ولماذا نظروا إلى قرار خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بهذه النظرة المتفائلة؟ إن الجواب عن هذه التساؤلات وغيرها هو نايف بن عبدالعزيز نفسه فهو كافٍ للإجابة عن أي تساؤل، فلقد نشأ رجل دولة منذ إطلالته على الدنيا في مجالس والده المؤسس -رحمه الله- ثم في مدرسة الأمراء طالباً نجيباً ينهل المعرفة وسائر العلوم على يد كبار العلماء والمعلمين ويؤسس نفسه وفكره ومنهجيته المتميزة.. يستفيد من دروس العلم والحياة والأحداث المعاصرة والتحديات التي يموج بها العالم، وقبل أن يبلغ سنه العشرين عاماً كان يتقلد منصب وكيل إمارة الرياض في 17-6-1371هـ.. ثم أميرها ابتداءً من 3-4-1372هـ حتى عام 1374هـ، وبما أن الأمن هو أهم شيء في الحياة ونظراً لما يملكه سموه من حس أمني وذكاء فطري فقد قلّده الملك فيصل -رحمه الله- منصب نائب وزير الداخلية في يوم تاريخي لوزارة الداخلية 29-3-1390هـ.. ثم في عهد الفيصل أيضاً عُين نائباً لوزير الداخلية بمرتبة وزير عام 1394هـ.. ثم عُين في عهد الملك خالد -رحمه الله- وزير دولة للشؤون الداخلية عام 1395هـ.. وفي العام نفسه عُين وزيراً للداخلية في 8-10- 1395هـ.. وبين هذا وذاك كانت مميزاته ومؤهلاته وقدراته ونظرة إخوانه قادة المملكة تضيف إليه من الأعمال والمسؤوليات والمهمات ما يجل عن الحصر، ويكفي الإشارة إلى موسم الحج، فلقد سجل سموه اسمه في سجل الخالدين بما عمله -ولا يزال- بتوجيه من القيادة الرشيدة في خدمة الحجاج والعمار والزوار وأمنهم وسلامتهم، فهو يرأس لجنة الحج المركزية العليا.. ويشرف على أعمال المناسك ويحظى بالتقدير من القيادة والشعب ومن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
هذا هو نايف باختصار شديد الرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب، رئيس اللجنة العليا لإغاثة الشعب الفلسطيني رئيس المجلس الأعلى للإعلام.. رئيس المجلس الأعلى للدفاع المدني.. رئيس مجلس إدارة جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.. رئيس مجلس القوى العاملة.. رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية البشرية.. رئيس الهيئة العليا للأمن الصناعي.. رئيس الهيئة العليا للسياحة.. نائب رئيس الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها وغير ذلك من المهمات والمناصب القيادية.. ويكفي أن نعرف حجم هذا الأمير وقدره ودوره.. وفخرنا به أن سموه كان رئيساً للجنة التي وضعت النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق.. وأن سموه يأتي دائماً في صلب القرارات المفصلية في المملكة.
يحق لنا أن نفخر بهذا القرار التاريخي ونُهنىء سموه، ونُهنىء أنفسنا.. فأمير الأمن والأمان رجل يستحق هذا الحب من الشعب السعودي ومن المقيمين وقبل ذلك من القائد الأعلى خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- وأن أعمال سموه في جانب الأمن ومكافحة الإرهاب واجتثاثه من المجتمع جهود معروفة ومقدَّرة.. ومن يتابع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية سيفجعه حال الأمم والدول والمجتمعات، وليست بلادنا بمنأى عن ذلك، بل إنها مستهدفة من قبل فئات ومنظمات ودول لا يرضيها ما تنعم به بلادنا من خير وأمن ورغد عيش، فمخططات الإرهابيين وتنظيماتهم وشبكات المخدرات وغسيل الأموال وتنظيمات الأفكار المنحرفة التي تريد إفساد مجتمعنا وتريد الشر لدولتنا ما فتئت تخطط وتنظم وتحاول، وبين حين وآخر ينجح رجال أمننا البواسل ووزيرهم النابه في إفساد تلك المخططات ووأدها قبل أن يصل تأثيرها للوطن والمواطن.. وإنه لجهد لنايف بن عبدالعزيز ونتاج لفكره وصائب نظرته ونضوج رؤيته التي اكتسبها من خلال عقود من العمل والتخطيط والبناء والممارسة.
لقد استحق صاحب السمو الملكي الثقة الملكية الكريمة، فهو رجل الدولة المناسب في المكان المناسب.. ويكفي الإشارة إلى أن جهوده في مكافحة الإرهاب ومخططاته وشبكاته أصبحت تجربة ناجحة تسعى الدول - حتى المتقدمة منها - إلى انتهاجها والإفادة منها، وغدا النمط السعودي في مكافحة الإرهاب أنموذجاً ومطلباً للتعامل مع ظاهرة الإرهاب المعقدة عالمياً لارتباطها بالمجتمعات والدول داخلياً وخارجياً، فالأمن هو الهاجس الرئيس لكل دول العالم.
إن تعيين سموه في منصب النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء نتاج طبيعي للمقومات الشخصية المتميزة التي يملكها والجهد الذي بذله ولا يزال، وعلى الرغم من أنه يتبوأ منصب وزير الداخلية، وهو منصب يصعب على القائم عليه الوصول إلى قلوب الناس في مختلف دول العالم إلا أن سموه يخرق هذه القاعدة بفضل ما يملكه سموه من خلق رفيع وتربية إسلامية وإخلاص في العمل وعدل في المعاملة وسلامة طوية وحكمة وثبات، ولا غرابة في ذلك.. فنموذجنا السعودي في الحكم الذي يُعد سموه أحد أركانه نموذج مختلف منهجه الإسلام ودستوره القرآن تؤكده القيادة -ولله الحمد- في كل مناسبة.
مرة أخرى نُهنىء سموه بثقة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين في سموه.. ونُهنىء أنفسنا ودولتنا بسموه الكريم.. ونسأل الله أن يعينه ويوفقه لكل خير، ونسأله جل وعلا أن يحفظ بلادنا وقيادتها الرشيدة.. ويسدد على درب الخير خطاهم.
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
Mog7em@hotmail.com