الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه، محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد، فإن من توفيق الله سبحانه لعبده أن ينظمه في القائمين على خدمة كتابه العزيز القرآن الكريم،
متأسياً بنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم لتلقيه وتبليغه، وأعظم بهذا الجهد أن يصدر عن مقام ولي أمر المسلمين وإمامهم، فيسلك بهم السبل لحفظ كتاب الله الكريم، وتنافسهم أفراداً وجماعات في استظهاره وتحصيل علومه، لبناء حياتهم وفق هدى الآيات والذكر الحكيم، كما قال تعالى {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} مستلهماً حفظه الله القدوة في خدمة كتاب الله الكريم من حث النبي صلى الله عليه وسلم صحابته، والأمة من بعدهم، على تلاوة القرآن الكريم، وتعاهده بالحفظ، واعتبار هذا معياراً أساساً للأفضلية المطلقة بينهم في حياتهم الدنيا، وفي منزلتهم في الآخرة، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في قوله (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) وهي مسابقات تشحذ الهمم حين تحتفي بأهل القرآن بأنهم أهل الله وخاصته الذين شرفوا بصحبة كتابه العزيز وخدمته، كما جاء عند أحمد وابن ماجه وغيرهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته).
وإن لتكفل خادم الحرمين الشريفين أيده الله بإقامة مسابقة الحرس الوطني لحفظ القرآن الكريم للعسكريين على نفقته الخاصة، وتحت رعايته الكريمة، الثمرات المحمودة، والآثار المشهودة بين أبناء الوطن خاصة، والأمة عامة، حيث اتجهوا نحو العناية بتلاوة القرآن الكريم وإتقان تجويده، وتنافسوا في استظهاره، وتحصيل القدر الأكبر من علومه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
ويبرز من ثمرات هذه الجهود الكبيرة في خدمة القرآن الكريم وعلومه، واليد الطولى في رعاية أهله وإكرامهم، كثرة عدد الحفاظ لكتاب الله من أبناء الأمة، وزيادة ارتباطهم بالقرآن الكريم، بما لذلك من آثار طيبة: دينياً ونفسياً وعلمياً وتربوياً واجتماعياً، حتى عم الانتفاع العسكريين وغيرهم، وامتد أثره إلى ذويهم فازدادوا استقامة والتزاماً بتعاليم القرآن الكريم لبناء المواطن الصالح، وها هو المجتمع بحمد الله يخطو خطوات كبيرة للاهتمام بحفظ القرآن الكريم والمشاركة في مسابقاته بأوسع نطاق، لتتحقق لهم الرفعة به، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين). وتأتي هذه المسابقة الجليلة برعاية كريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين أيده الله رجاء تحصيل موعود الله تبارك وتعالى في قوله سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ}.
إن العناية بإقامة هذه المسابقة الكريمة للعسكريين، وتأكيد أهميتها ودعمها، من أفضل الأعمال وأزكى الطاعات والقربات، حيث يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو مالك الأشجعي عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من علم آية من كتاب الله عز وجل كان له ثوابها ما تليت)، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم (لا حسد إلا في اثنين: رجل آتاه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار) فجزى الله خادم الحرمين الشريفين على ما قدم ويقدم لأمته خير الجزاء وأحسنه، إنه سبحانه جواد كريم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
رئيس المجلس الأعلى للقضاء