شركة سعودي أوجيه - كما يعرف الجميع - هي واحدة من الشركات العملاقة في قطاع الإنشاءات في البلاد، وكذلك شركة بن لادن، هاتان الشركتان تمتلكان خبرة جيدة في تنفيذ المشاريع الإنشائية الكبرى قل أن تجدها عند الشركات المنافسة، ولأنهما الأكبر، والأقوى، والأطول تجربة نسبياً، فمن الصعب على الشركات الأخرى منافستهما على المدى القصير، فهاتان الشركتان نظراً لضخامة حجمهما، وآلياتهما، وأصولهما، وخبرتهما في التنفيذ والتسعير، فإن لديهما القدرة والإمكانيات لأن تفوزان بأي مشروع كبير، بسبب ضخامة قدراتهما الذاتية، وتحكمهما في عدد كبير من مقاولي الباطن والموردين، ليكلفهما المشروع - في النتيجة - أقل من تكاليف الشركات الأخرى المنافسة لهما. هذا يعني أن هاتين الشركتين في المحصلة ستسيطران على سوق الإنشاءات في البلاد، وهذا ما سيجعلهما تتحولان مع الوقت، وبحكم ضخامة المشاريع المتعاقد عليها، إلى (أخطبوط) من الصعب في المستقبل السيطرة عليه، والتحكم في نفوذه التنافسي التجاري، لعدة عوامل يدركها الاقتصاديون، ولا يتسع المجال للتطرق إليها في هذه العجالة.
يقول الاقتصاديون: الاحتكار في النظم الاقتصادية الرأسمالية (المختلطة) يترتب عليه (حكماً) تدخل الدولة للحد من هذا الاحتكار، أو بلغة أخرى (تفتيته)، للحفاظ على مبدأ الحرية الاقتصادية قدر الإمكان. و(تدخل) الدولة يصبح ضرورياً لضبط الشركات الكبرى بهدف حماية المؤسسات الصغرى والمتوسطة حفاظاً على مبدأ المنافسة الكاملة، التي هي الآلية (العادلة) التي تحكم الأسعار، خوفاً من أن تتحول هذه الشركات إلى مؤسسات احتكارية، تتحكم في الأسعار، وتفرضها في المحصلة (قسراً) على المستهلك النهائي، سواء كان هذا المستهلك القطاع العام أو الخاص، وآلية تحويل الشركات الخاصة إلى شركات مساهمة عامة وهذا ما درجت عليه الدولة في السنوات الأخيرة، هي إحدى الأساليب التي تنتهجها الدول اليوم للتقليل من الآثار السلبية للاحتكار، وإتاحة الفرصة لأكبر شريحة من (المواطنين) للاستفادة من عوائد هذه الشركات، بدلا من اقتصار العوائد على ملاك هذه الشركات الخاصة دون غيرهم، كما أن من أهم ميزات الشركات المساهمة أنها تتيح مستوى من الرقابة للدولة لإتاحة قدر كبير من (الشفافية) على عمليات الشركات، بشكل يجعلها ويجعل تعاقداتها تحت المجهر، بالشكل الذي ينعكس في النتيجة على عدم المبالغة في الأسعار، أو الوصول إلى الفوز بالمشاريع دون منافسة من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع الإنشاءات في المملكة يستقطب رقماً كبيراً من المصروفات التنموية في المملكة، سواء بالنسبة للمشاريع الحكومية، أو الخاصة، الأمر الذي يجعل إنشاء شركة مساهمة (إنشائية) عملاقة، تضطلع بالمساهمة الإيجابية في تلبية ارتفاع الطلب في سوق الإنشاءات، أمراً ملحاً لا مناص عنه.
ومن خلال تجاربنا مع انتقال الشركات الخاصة إلى شركات عامة، وما يكتنف ذلك من (مبالغات) غير مبررة - كما يُشاع - في عدالة تقديرات أصول هذه الشركات المزمع انتقالها من كونها شركات خاصة إلى شركات مساهمة عامة، فإنني أنتهز هذه المناسبة، للمطالبة بوضع قيود رقابية صارمة لتقدير (الأصول) للشركات المزمع تحويلها إلى (شركة مساهمة)، كي لا تصبح عملية (التصحيح) في حد ذاتها وسيلة للإثراء غير المشروع لأصحاب الشركات والمؤسسات الخاصة. إلى اللقاء.