Al Jazirah NewsPaper Sunday  03/05/2009 G Issue 13366
الأحد 08 جمادى الأول 1430   العدد  13366
صناعة النقل الجوي
الدكتور المهندس منصور بن عبدالعزيز العيد

 

المتتبع لحال الخدمات والصناعة الجوية بالمملكة تنتابه الدهشة حيناً والتعجب والاستغراب حيناً آخر.

ففي حين يعد مطار الملك خالد الدولي نموذجاً معمارياً جميلاً يظهر التطور المتسارع في المملكة على الرغم من ضعف كفاءة الأداء في الإجراءات والخدمات، فإن حالة أغلب المطارات الأخرى تظهر التخلف والتأخر في حالة صناعة النقل الجوي التي تعيشها المملكة في هذا الوقت.

فمع أننا في المملكة نتمتع ببيئة أساسية نموذجية لصناعة جوية متقدمة من حيث اتساع وتباعد المسافات بين المدن مما يوفر الحاجة إلى النقل الجوي الفعّال، كذلك التزايد الهائل في عدد السكان وتركز ذلك في الشرائح العمرية كثيرة السفر، إضافة إلى الاتجاه المتزايد للسياحة الداخلية والخارجية وكذلك الانتعاش الاقتصادي الكبير الذي تعيشه المملكة وأخيراً الحركة الجوية المضمونة لرحلات الحج والعمرة.

جميع تلك العوامل كونت مناخاً مزدهراً لصناعة النقل الجوي تحلم به دول كثيرة ولكنه لم يستغل الاستغلال الأمثل لدينا في المملكة، وذلك لأسباب كثيرة سأحاول التطرق في هذا المقال لأهمها.

أهم تلك الأسباب والعوامل هو افتقارنا إلى مطارات مناسبة ومصممة على أسس اقتصادية وعملية لتواكب التزايد المطرد في حركة المسافرين. فأهم مطاراتنا مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة والذي يمكنه موقعه كبوابة للعاصمة المقدسة مكة المكرمة ونافذة عروس البحر الأحمر على العالم الخارجي من أن يكون أحد أكثر المطارات ازدهاراً في الخليج بل في منطقة الشرق الأوسط.

هذا الأمر الذي لم يحدث وذلك بسبب ضعف إمكانات المطار الاستيعابية وضعف وتخلف أنظمته التشغيلية وتصميمه السيئ الذي يجعله أحد أكثر المطارات في العالم سوءاً وأقلها من ناحية الإجراءات التشغيلية حتى انه لا يزال من المطارات القليلة في العالم التي ما زالت تستخدم العربات المتحركة (الباصات) في نقل الركاب من الطائرات وإليها، فالصالات متهالكة وتصميمها يفتقر إلى أبسط المتطلبات ناهيك عن المميزات المطلوبة لهكذا مطار.

وهذه العوامل ونواحي القصور الواضحة أدت إلى تردي حركة المطار التشغيلية وانصراف المسافرين وشركات الطيران إلى مطارات أخرى في المنطقة إلا في الحدود الدنيا التي يفرضها موقع المطار كما أسلفت كبوابة للمدينة المقدسة مكة المكرمة.

وحالة أغلب مطاراتنا ليست بعيدة عن مطار الملك عبدالعزيز بجدة، فهذا مطار الملك فهد الدولي بالدمام والذي لم يفتتح إلا مؤخراً، وعلى الرغم من تصميمه المناسب ووجوده في أحد أكثر المناطق في العالم رخاءً وازدهاراً إلا أنه يعاني منذ افتتاحه ضعفاً في حركة السفر، وذلك لأسباب مختلفة عن مطار جدة.

وتلك الأسباب تكمن في البنية الأساسية لصناعة النقل الجوي وما تعانيه من تخبط وعدم وضوح الرؤية وافتقارها إلى الأفكار الإبداعية والخطط التسويقية لشركات السفر.

الأمر الذي دفع المسافرين من وإلى المنطقة وحتى السعوديين منهم إلى استخدام المطارات القريبة من المنطقة. والسبب الرئيس في ذلك هو السياسات التسويقية الفاشلة للجهات المسؤولة عن صناعة السفر في المملكة بل إن تلك السياسات لم تفشل في تهيئة المناخ الاستثماري والتشغيلي لصناعة نقل جوي مناسب فحسب بل تسببت في ابتعاد الكثير من شركات الطيران من مطارات المملكة وتدني نسبة المسافرين المستخدمين لمطارات المملكة.

وقد يروق لبعض المسؤولين في جهات النقل الجوي الحديث التزايد في حركة المسافرين عبر مطارات المملكة، وهذا الأمر صحيح ولكن نسبة الزيادة لا تعكس أبداً النسبة التي يمكن الوصول إليها. فطبيعي أن يكون هناك زيادة في حركة المسافرين عبر مطارات المملكة نتيجة لزيادة عدد السكان وترابط وتشابك العلاقات التجارية والسياحية بيننا وبين مختلف الدول، ولكن تلك النسب كان من المفروض أن تكون أضعافاً مضاعفة لما هو حاصل حالياً.

وأخيراً فلدينا الكثير من الإمكانات الكبيرة والفرص الواعدة والسوق الكبيرة لقيام صناعة سفر متطورة عمادها المطارات الحديثة ذات الكفاءة التشغيلية العالية، لتواكب التطور الكبير الذي تعيشه المملكة هذه الأيام بقيادة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الذي يعمل ليل نهار للنهوض بالإنسان والوطن.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد