جدة - راشد الزهراني
أثار تجدد موجة ارتفاع بعض أسعار مواد البناء مخاوف بين أوساط مستثمري قطاعي المقاولات والعقار من تفاقم الأزمة الإسكانية التي تمر بها محافظة جدة وذلك بعد توقف المواطنين عن مواصلة بناء مساكنهم الخاصة، فضلاً عن بعض المستثمرين بالتوسع في نشاطاتهم الإسكانية.
وقد أدى هذا الارتفاع إلى احتمالية إصابة حركة البناء بشلل لعدم القدرة على التنفيذ في ظل تسجيل الأسعار متوسط الزيادة نسبة 30 إلى 40% مما ينعكس سلباً على السوق العقاري وذلك بارتفاع أسعار البلوك الأحمر والأسمنت في ظل محدودية العرض في الوقت الحالي التي يقابلها زيادة كبيرة في الطلب.
وعلل بائعو مواد البناء وموزعوه بأن الزيادة تعود إلى عوامل عديدة أبرزها زيادة معدل الاستهلاك فضلا عن ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة أسعار المواد الخام من مستلزمات الإنتاج وفي مقدمتها الخردة، إضافة إلى تزامن تنفيذ مشاريع عملاقة وعلى رأسها المدن الاقتصادية الأربعة.
إلا أن العقاريين والمقاولين رفضوا المبررات للزيادة المحلية بهذا الحجم، موضحين أن تلاعب بعض التجار والمنتجين واضح في هذه المسألة حيث يعتمد هؤلاء على تخزين كميات ضخمة وإشاعة حالة من نقص المعروض في السوق، الأمر الذي يحرك الطلب ومعه تتحرك الأسعار تدريجيا نحو الارتفاع، مؤكدين في الوقت ذاته، أن أزمة الارتفاع تهدد خطط الحكومة لإنعاش سوق العقارات وتوفير مسكن لكل موطن، ما دعاهم لمطالبة وزارة التجارة والصناعة بوضع حد للزيادات المفاجئة وذلك بخروج مندوبها بجولة ميدانية وعدم الاكتفاء بالبيانات الرسمية، وتشكيل لجان لدراسة المشكلة على مستوى المشاريع ووضع آلية لمواجهة مثل هذه الأزمات.
وتخوف المقاولون من زيادة نسبة خسارتهم المادية بسبب ارتفاع الأسعار، وتسببها بالتالي في توقف وإرباك بعض مشاريع المقاولات، ومساهمته في نشوب خلافات بين المالك والمقاول بسبب العقود التي تم إبرامها مؤخرا بسبب الاختلاف في الأسعار عما كان متفقاً عليه مما يهدد في إلغاء عدد من العقود المبرمة.
وذكر بعض المسئولين في مصانع البلوك أن أسباب ارتفاع أسعار البلوك تعود إلى زيادة وتيرة التسارع العمراني التي تشهدها البلاد، مؤكدين أن مشكلة ارتفاع البلوك ستنتهي إلى الأبد بعد تشغيل المصانع لتوسعتها.
وأرجع عبدالله الأحمري نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة جدة الارتفاع إلى الطلب المتزايد على منتجات مواد البناء في ظل بقاء حجم المعروض في السوق ثابتا، مؤكداً أن أول الحلول التي يجب تنفيذها تكمن في إيقاف التصدير المواد والقضاء على السوق السوداء وعلى سماسرة مواد البناء وإيجاد آلية للتعامل مع هذه الزيادات في السوق.
وطالب الاحمري بضرورة التعاون المشترك من قبل جميع القطاعات وتكاتفها مع بعضها البعض لمواجهة هذه المشكلة وتقليل تأثيرها على الصناعات الأخرى، مضيفاً أن الوضع يحتم إيجاد آلية محكمة لمراقبة السوق والتأكيد من توفر كميات تغطي حاجة السوق وتناسب حجم المشاريع المطروحة بحيث تصبح أي زيادة في حدود المقبول.
وأضاف الأحمري أن هذه الزيادة ستؤثر بشكل كبير على استثمارات المقاولين والمؤسسات العاملة في مجال الإنشاءات، بسبب الخسائر التي ستلحق بهم مما يكبدهم تكاليف إضافية في حال استمرت الزيادة الحالية على نفس معدلاتها ويدخلهم في نفق القضايا والشكاوى التي ستثقل كاهلهم إضافة إلى كاهل الملاك والمحاكم في نفس الوقت، ما دعاه للمطالبة بضرورة تشكيل لجان لدراسة مشكلة على مستوى المشاريع ووضع آلية لمواجهة مثل هذه الأزمات بحيث تبقى الخسائر في حدها الأدنى.
ويرى العقاري يحيى عسيري رئيس مؤسسات الصفقة الأولى للتطوير العقاري أن شركات البلوك الأحمر والأسمنت اتخذت بعض وسائل التدليس لصناعة أزمة سوقية لترفع الأسعار دون مرعاه لظروف المواطن ومشقته في الحصول على مسكن وقال: خاطبنا عدة جهات لها علاقة وعلى رأسها وزارة التجارة لوضع آلية ضابطة لمنع التلاعب بالأسعار وخلخلة النهوض العمراني وما نشاهده هذه الأيام من ارتفاع للبلوك الأحمر وصل من بين
(30-40%) والأسمنت 20 إلى 30% بينما هناك توجيهات صارمة من قبل وزارة التجارة تحذر من التلاعب بالأسعار إلا أن الأمر وكأنه طبيعي دون قرارات رادعة بحق هؤلاء لذا نحن نطالب بأن تكون هناك آلية واضحة لتحديد الأسعار حتى لا تتفحل الأزمة كسابقة أزمة حديد التسليح.
من جانبه اتهم فهاد المرزوقي خبير عقاري التجار بالتلاعب بأسعار مواد البناء سواء كانوا أصحاب محلات كبيرة أم صغيرة وقال: يعتمد هؤلاء على تخزين كميات ضخمة وإشاعة حالة من نقص المعروض في السوق، الأمر الذي يحرك الطلب ومعه تتحرك الأسعار تدريجيا نحو الارتفاع، مستدلاً أن هناك بعض الشركات ترفض توفير مواد البناء إلى المواطنين لان كميتها قليلة وتفضل تزويد الشركات بما تحتاجه بغرض الربح الكبير.
وقال المرزوقي إن القرض المقدم من صندوق التنمية العقاري البالغ 300 ألف ريال لا يكفي في الوقت الحالي وخاصة في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء التي تسببت بحد قوله في توقفه عن إكمال عملية البناء بعد صرف أغلبية المبالغ المالية عليها، متمنياً بأن يكون هناك تحرك حكومي للنظر في الارتفاع الذي بلا شك سيصعد أزمة السكن التي نعاني منها في الوقت الحالي وسيرفع من قيمة الإيجارات التي وصلت إلى أسعار فلكية.