عودة بالذاكرة للوراء.. وتحديداً منذ ثلاثة عقود تقريباً.. كنت على وشك التخرج (بكالوريوس علم نفس) من جامعة الملك سعود.. شاركت في مؤتمر صحفي بحضور أمير منطقة تبوك حالياً فهد بن سلطان حيث كان نائب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم.
.. وجاء موضوع الحوار مرتكزاً على هموم منتخب المملكة الأول الذي كانت نتائجه غير مرضية!
.. طرحت على سمو الأمير فهد بن سلطان فكرة الاستعانة بإخصائي نفسي.. ذلك أن كل منتخبات العالم المتقدمة لا تتردد في الاستفادة من خدمات الإخصائي - وقتها - ومن باب المداعبة تفضل أحد الزملاء.. وهو صديق لي حالياً بالتعليق قائلاً: يا سمو الأمير.. ترى الأخ أحمد يبحث عن وظيفة له مع المنتخب؟!
.. ضحك الجميع.. والخلاصة أن الفكرة (ماتت) وهي في مرحلة المهد.. ومرت السنوات وطرحت الفكرة من جديد مراراً وتكراراً.. ولم يتم الأخذ بها.. اللهم إلا على جرعات متباعدة وربما على مستوى الأندية خصوصاً عند اقتراب مواجهات حاسمة!
.. يتكرر المشهد هذه الأيام.. وقد تقدم وتطور ميدان علم النفس ومجالات استخدامه على مستوى الأفراد والجماعات.. حتى أصبح مطلباً وضرورة ملحة.. لكن لا يزال البعض يرفض وبشدة الاستعانة بهذا العلم في زمن التغير والمستجدات وارتفاع أعداد المصابين بحالات القلق والتوتر والأزمات النفسية نتيجة عوامل مشتركة (ذاتية وخارجية) وتجده يردد قائلاً بمنتهى السخرية: (لسنا بمجانين).
** إن الشعوب المتحضِّرة تسارع بالتصدي ومواجهة (أزماتها) المتنوعة بالتوجه للعيادات النفسية.. وليس في ذلك عيب!! من أجل طلب المشورة والعلاج.. والتعافي والخروج من الأزمة الطارئة!!
** إن معاناة اللاعب الدولي الكبير ياسر القحطاني تُعتبر مشكلة نفسية بالدرجة الأولى.. ومن الواجب الاعتراف بها ومساعدته على تجاوزها!
** وهذا هو رفيق دربه الوجه الشاب الواعد الفائز مؤخراً بلقب أفضل لاعب خليجي.. ماجد المرشدي.. فجأة سجل انحداراً في مستواه الفني..
وهو في كامل عافيته حيث لا تُوجد إصابة - ولله الحمد - تحول دون استمراريته بالحضور المشرف.. لكن المقربين منه جيداً وتربطهم به علاقة وثيقة أبلغوني شخصياً بأنه لا يشكو إطلاقاً سوى من كلمة واحدة هي (الملل).. وتلك بالطبع حالة عرضية نفسية يتعرض لها كل فرد سوي.. إذ تجد الواحد منا مثلاً يسافر إلى الخارج بحثاً عن الراحة وبعيداً عن زحمة وهموم العمل.
. وقد يعود بعد أيام من مغادرته.. وإذا بادرته بالسؤال عن سبب عودته أجابك قائلاً: (أنا مليت) بالتوازي مع أغنية (أنا رديت) لعبد الكريم عبد القادر..!!
وسامحونا!
كأس التفوق.. للهلال أم الأهلي؟؟
يبقى سؤال عالق دون إجابة!
.. ما هو أفضل نادٍ بالمملكة؟
.. والعملية باختصار.. سهلة جداً.. ولن تحتاج إلى تشكيل لجان عمل وعقد اجتماعات متتالية!
.. كل اتحاد مع نهاية الموسم الرياضي يقدم كشف ترتيب ومراكز الأندية المشاركة في المسابقات القائمة محلياً وخارجياً.. سواء كانت فردية أم جماعية!
.. وتبدأ المرحلة الثانية (التقويم) وذلك بمنح كل نادٍ نقاطاً محددة وفقاً لترتيبه (من الأول إلى الثالث) وبواقع (10 - 7 - 5) نقاط مثلاً لأي لعبة جماعية.. يقابلها (7-5-3) لكل لعبة فردية!
.. وترتفع حصيلة النقاط على مستوى التمثيل الخارجي (خليجياً - عربياً - آسيوياً)
.. ومن ثم يتم الإعلان رسمياً عن الترتيب النهائي.. وتُقام مناسبة احتفالية لتكريم الأندية الأوائل مع رصد موازنة مالية معتبرة ترتفع من موسم إلى آخر لدفع الأندية وحثّها على التنافس والفوز ب(درع) أو (كأس) التفوق!
.. هذا في الواقع كان فكرة إقرار مشروع تم طرحه من قبل زميلي وأخي العزيز أحمد بن عبد الله الغفيلي من على منبر (الجزيرة) مع نهاية الموسم المنصرم.. وقُوبلت بتأييد وتجاوب سمو نائب الرئيس العام لرعاية الشباب الذي وجَّه بتشكيل لجنة لوضع اللائحة الخاصة بالفكرة واعتماد معايير التقييم.. وإلى الآن لم يتم تفعيلها على أرض الواقع!!
.. هنا أجد نفسي في غاية الحماسة مطالباً بالإسراع في تنفيذها وترجمة الفكرة الرائعة إلى مشروع عمل خاص ونحن في مرحلة نشهد خلالها برامج تطويرية تستهدف الرقي والنهضة بالحركة الرياضية حتى تتبوأ مكانة رائدة على مصاف دول العالم وبخاصة في ميدان الأولمبياد الذي يُقام مرة كل أربع سنوات.. تنصب آمالنا دائماً على حصد قدر لو محدود من تلك الميداليات التي نراها تذهب لصالح دول لا يمكن مقارنتها بالمملكة وعلى كافة المستويات!
.. إنه من المؤسف جداً أن هناك أندية تمتلك مقرات نموذجية صُممت على أن تستوعب كل الألعاب الفردية والجماعية.. لكنها.. سارعت لأسباب متعددة.. وفي طليعتها (العجز المادي) عن رعاية تلك الألعاب.. وبالتالي قامت ب -شطبها- من أجل تركيز الجهد على فريق كرة القدم.. لعل وعسى أن يحقق إحدى بطولات الموسم!!
.. إن إقرار مشروع كأس التفوق.. ووضع حوافز مادية مغرية قد يدفع الأندية للاهتمام بكافة الألعاب وفتح الباب أمام جموع الشباب للإقبال عليها.. وبالتالي ستكون منتخبات الوطن هي الأكثر استفادة.. لأن مخرجات الأندية سوف تشهد اتساعاً يخلق قاعدة عريضة وتنافساً كبيراً بين اللاعبين لشرف تمثيل الوطن بعكس الوضع الحالي!
وسامحونا!!