Al Jazirah NewsPaper Monday  11/05/2009 G Issue 13374
الأثنين 16 جمادى الأول 1430   العدد  13374

دفق قلم
اليهود والجبهات المتعدِّدة
عبدالرحمن صالح العشماوي

 

تتحرّك الدولة اليهودية التي تحتلُّ فلسطين على عددٍ من الجبهات في تنفيذ مخططاتها الاستيطانية التي تهدف إلى الاستيلاء الكلي على فلسطين بما فيها القدس الشريف، فهنالك الجبهة السياسية التي تتقن فيها فنَّ المراوغة والتضليل وعدم الالتزام بالقرارات الدولية مهما كانت منحازة لليهود، وهنالك الجبهة العسكرية التي أصبحتْ عرضةً للهزائم في السنوات الأخيرة، وهنالك جبهة القمع الداخلي للفلسطينيين قتلاً وأسراً وضرباً وركلاً ومصادرةً للحقوق وهدماً للمنازل، واستغلالاً لأية ثغرة نظامية تمكنهم من سلب الحقوق من أهلها، وهنالك جبهة الإغراء المالي للفقراء والمحتاجين بدفع مبالغ طائلة لشراء بيوتهم -لا سيما ما كان منها قريبا من المسجد الأقصى- وذلك فيما لم يوجد عليه ثغرة نظامية يمكن أن تستغل.

لقد كشف رئيس الحركة الإسلامية داخل فلسطين الشيخ رائد صلاح عن حقيقة هذه الجبهة القائمة على الإغراءات المالية لأصحاب البيوت المحتاجين، حيث ذكر أن جمعية (عطيرات كوهانيم) الاستيطانية التي تقوم بنشاط مكثَّف في القدس القديمة حتى أصبحت تضع يدها على عشرات العقارات في المدينة، قد عرضت على أحد سكان القدس القديمة أن تشتري منه محلّه التجاري الذي لا تزيد مساحته عن عشرة أمتار بمبلغ يتجاوز مليوني دولار للمتر الواحد، كما عرضت على صاحب منزلٍ قديم صغير مساحته مائة وعشرون متراً مربعاً بمبلغ مائة وثلاثين مليون دولار قيمةً لشرائه، ولكنَّ هذين المواطنين الفلسطينيين رفضا رفضاً قاطعاً إبرام هاتين الصفقتين المغريتين، وهما بذلك يقومان بواجبهما وإن كان يعرِّضان أنفسهما لما قد يحدث لهما من عقاب يهودي ظالم بالطرق المعروفة التي يتفنن العدوُّ الغاصب في استخدامها ضد أهل فلسطين الصامدين.

وإذا كنَّا نشيد بهذا الموقف المشرف من هذين الرجلين الصامدين، ونفرح به، فإننا نشعر بخطورة مثل هذه العروض المغرية على غيرهما. من الفقراء والمحتاجين الذين قد لا يجدون قدرة على الصمود أمام هذه المبالغ الكبيرة مع حاجتهم الماسَّة إلى المال الذي يغطي حاجاتهم الضرورية، فكيف إذا كان مالاً كثيراً؟.. ومما يزيد من شعورنا بخطورة هذه الجبهة التي تحاربنا دولة اليهود من خلالها ما نراه ونعايشه جميعاً من هذا الحصار الاقتصادي السياسي لأهل الصمود والمقاومة والجهاد في أرض فلسطين، هذا الحصار الذي يشكل صورة من أبشع صور الظلم والاضطهاد التي ترسمها ريشة الأنظمة والقوانين الدولية الظالمة بمباشرتها للظلم، أو بسكوتها عليه، وتأييدها لمن يمارسه من الظالمين. إنَّ مسؤوليات الأمة الإسلامية لعظيمة في هذه المرحلة، وما ربُّكَ بظلام للعبيد.

إشارة

يا ربّ قد عظم البلاءُ فهَبْ لنا

فرجاً وحقِّق للمريض شفاءَ


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد