الرياض - عوض القحطاني
بين صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن المملكة العربية السعودية تعكف حاليا على تنفيذ برامج تنموية طموحة في الداخل توظف فيها معظم احتياطياتها مبيناً أن هذه البرامج حظيت باهتمام قمة العشرين لأثرها الإيجابي المتوقع في تحفيز الطب وجذب الشركات والمؤسسات العالمية للإسهام في التنمية القائمة. وقال سموه في مستهل مؤتمر صحفي مشترك عقده أمس بالرياض مع وزير خارجية هولندا ماكسيم فيرهاخن الذي يزور المملكة حالياً: (نأمل أن تتيح هذه الفرصة زيادة عدد المشاريع السعودية الهولندية المشتركة التي تبلغ حالياً (73) شركة تعمل في قطاعات الاستثمار والبناء والتشييد والنقل والمواصلات والتصنيع وغيرها من المجالات). وأكد سموه أن من أهم مجالات التعاون بين المملكة وهولندا هي مكافحة الإرهاب منذ مشاركة هولندا في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي استضافته الرياض عام 2005 م مؤكدا أهمية اقتران الجهود الأمنية في المكافحة مع العمل على اقتلاع هذه الظاهرة العالمية من جذورها بما يستدعيه الأمر من سياسيات تتمثل في مكافحة مصادر تمويل الإرهاب ومحاربة فكرة التعصب والتطرف المحرض عليه بما في ذلك أفكار الكراهية والإقصاء والعنصرية ونزعة ازدراء الشعب والثقافات والديانات.
وفيما يلي نص البيان الافتتاحي للمؤتمر الذي ألقاه سمو الأمير سعود الفيصل..
بسم الله الرحمن الرحيم..
يسرني أن أرحب بمعالي الوزير ماكسيم فيرهاخن والوفد المرافق له في المملكة التي تعد الزيارة الأولى لمعاليه منذ تقلده لمهام وزارة الخارجية. واعتقد أن الزيارة شكلت فرصة جيدة لاستعراض علاقاتنا الثنائية وبحث سبل تعزيزها وتطويرها في عدد من المجالات وهو ما تم تناوله في مباحثاتنا اليوم.. ومن أبرز المستجدات على الساحة الدولية الأزمة المالية التي يشهدها العالم والجهود الدولية القائمة لمعالجة آثارها وتداعياتها بما في ذلك القرارات التي صدرت عن قمة العشرين الأخيرة في لندن وما اشتملت عليه من برنامج تحفيز نأمل أن تؤدي إلى استعادة الثقة في الاقتصاد الدولي وتوفير أسباب نموه وازدهاره مع إدخال الإصلاحات المطلوبة في النظام المالي الدولي. والمملكة العربية السعودية عاكفة حالياً على تنفيذ برامج تنموية طموحة في الداخل توظف فيها معظم احتياطياتها وقد حظيت هذا البرامج باهتمام قمة العشرين لأثرها الإيجابي المتوقع في تحفيز الطلب وجذب الشركات والمؤسسات العالمية للإسهام في التنمية القائمة ونأمل أن تتيح هذه الفرصة زيادة عدد المشاريع السعودية الهولندية المشتركة التي تبلغ حالياً 73 شركة تعمل في قطاعات الاستثمار والبناء والتشييد والنقل والمواصلات والتصنيع وغيرها من المجالات. ولا بد لي أن أشير هنا إلى أحد أهم مجالات التعاون بين بلدينا والخاص بمكافحة الإرهاب ويشكل هذا الأمر امتدادا لمشاركة هولندا الفعالة في المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي استضافته الرياض في العام 2005م الذي تبني مقترح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب بهدف إيجاد قناة للتعاون والتنسيق بين كافة الأجهزة الأمنية في دول العالم ومحطة لتبادل المعلومات والخبرات وبرامج التدريب علاوة على مساعدة الدول ذات الإمكانات المحدودة في هذا المجال. ومع إدراك المملكة لأهمية الجهود الأمنية في مكافحة الإرهاب إلا أننا نؤكد أهمية اقتران ذلك بالعمل على اقتلاع هذه الظاهرة العالمية من جذورها وما يستدعيه الأمر من سياسات تتمثل في مكافحة مصادر تمويل الإرهاب ومحاربة فكر التعصب والتطرف المحرض عليه بما في ذلك التصدي للأفكار المشحونة بمضامين الكراهية والإقصاء والعنصرية ونزعة الازدراء بين الشعوب والثقافات والديانات وهو الأمر الذي حدا بخادم الحرمين الشريفين لإطلاق مبادرته للحوار بين أتباع الديانات والثقافات المعتبرة من علماء ورجال دين التي عقدت مؤتمرها في مدريد العام الماضي وأصدروا وثيقة مهمة تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة تأكيداً على نشر قيم التسامح والحوار المتبادل واحترام الديانات والمعتقدات الإنسانية ورموزها الدينية في ظل ما يجمع بينها من قيم إنسانية مشتركة تدعو إلى المحبة والسلام والخير والصلاح ونبذ الشر والكراهية والعدوان. وفيما يتعلق بالجانب السياسي من المحادثات بحثنا العديد من القضايا التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي وتداعياته وقد أكدت من جانبي أن حل هذا النزاع من شأنه المساهمة الكبيرة في حل عدد من المشكلات التي تعانيها منطقة الشرق الأوسط. إذ ترحب المملكة بالتأكيدات الأمريكية لإطلاق عملية السلام وفق هذه الأسس فإنها ترى أهمية أن تثبت إسرائيل جديتها ومصداقيتها تجاه عملية السلام وتفي بالتزاماتها نحوها بخطوات عملية ومن أهم هذه الخطوات وقف بناء المستوطنات أو توسيعها وإيقاف كافة الإجراءات القائمة لتهويد القدس وتغيير المعالم على الأرض ورفع الحصار الجائر المفروض على الشعب الفلسطيني.
عقب ذلك ألقى وزير خارجية هولندا كلمة عبر فيها عن شكره وتقديره لصاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل على حسن الاستقبال والضيافة وقال: (للمملكة العربية السعودية وهولندا علاقات تاريخية قديمة، وقد ناقشنا اليوم عددا من الموضوعات التي تهم بلدينا الصديقين). وثمن وزير خارجية هولندا مبادرة السلام العربية التي قدمتها المملكة العربية السعودية وأقرتها الدول العربية من اجل التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي وإحلال السلام في المنطقة. وبين معالي وزير خارجية هولندا أنه تم خلال زيارته الحالية للمملكة العربية السعودية التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارتي التعليم العالي في المملكة وهولندا للتعاون بين الجامعات وابتعاث الطلبة بين البلدين. وأشاد معاليه باحترام المملكة العربية السعودية لحقوق الإنسان واهتمامها فيه وكذلك حقوق المرأة وقال: (خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان إيجابيا في هذا الموضوع).
ثم علق سمو الأمير سعود الفيصل على موضوع حقوق الإنسان قائلاً (إننا في هذا البلد نرى حقوق الإنسان أنها جزء من معتقداتنا وليس لإثبات حسن سلوك، وحقوق الإنسان في الدين الإسلامي عنصر أساسي من عناصر الحياة في هذه المنطقة، وإذا كانت العالمية هي المؤشر، فتطبيق حقوق الإنسان من زاوية إسلامية تعنى بأكثر من بليون نسمة، فهي عالمية بطبيعتها). عقب ذلك أجاب سمو الأمير سعود الفيصل ووزير خارجية هولندا عن أسئلة الصحفيين وردا على سؤال لسمو الأمير سعود الفيصل عن موقف المملكة مما يحدث من توتر في اليمن قال: (المملكة العربية السعودية مع اليمن في كل الطريق، ونحن نعتقد أن استقرار المملكة هو من استقرار اليمن، واستقرار اليمن هو من استقرار المملكة، وبالتالي ما يهز هذا الاستقرار سيهز الاستقرار في البلد الثاني، وهناك علاقات وثيقة بين البلدين في مجالات مختلفة، وفيما يتعلق بموقف المملكة مما يحدث من توتر في باكستان وبخاصة في وادي سوات بين سموه أن باكستان دولة صديقة للمملكة يتمنى لها الاستقرار والنمو مشيرا إلى أن المملكة التزمت بالدعم الذي أعلنته في اجتماع أصدقاء باكستان الأخير)، وقال: (أدعو الله أن يوفق قادة باكستان في توفير الأمن والاستقرار للإنسان في باكستان حتى يبدأ عملية التنمية من جديد). وفي إجابته عن سؤال إن كان هناك تعارض بين الرؤية التي قدمتها قطر للقمة التشاورية الخليجية التي عقدت مؤخراً وبين الرؤية التي كانت قد قدمتها المملكة في قمة سابقة.. أوضح سموه أنه لا يوجد تعارض في الرؤيتين، وقال: (الاهتمام هو في تنفيذ القرارات، هناك قرارات مهمة في المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية.. الوثيقة التي قدمتها قطر انطلقت مما سبق أن قدمه خادم الحرمين الشريفين في القمة الخليجية قبل نحو ثلاث سنوات، وهناك أفكار طرحت واتفق على الإستراتيجية لمتابعة هذه الأفكار). وحول تحفظ دولة الإمارات العربية المتحدة على اختيار الرياض مقرا للبنك المركزي الخليجي قال سمو الأمير سعود الفيصل: (الإمارات أعلنت أنها متحفظة ونحن نريد بالضبط معرفة مجالات هذا التحفظ وكيف يمكن إزالتها، ونحن مستمرين في البحوث ونأمل أن تسود الإرادة المشتركة لإنشاء هذا البنك المهم كمؤسسة مهمة في خدمة المواطن الخليجي).