أخلاقه تجارية عبارة نستخدمها في كثير من الأحيان لذم أخلاق فرد يفتقد للأخلاق، ولاشك أن لذلك أسبابا حيث رسَم جملة ممن لا يعرفون أصول التجارة ومبادئها وأسسها وقيمها صورة سيئة للتاجر حيث يعتقدون بأنهم يحققون الأرباح بأي طريقة كانت دون الالتزام بأية قيم أخلاقية فلا صدق ولا أمانة ولا نزاهة ولا عدل في الميزان، فالغش شطارة والنصب مهارة والضحك على ذقون العملاء مدعاة للتباهي والفخر، ولا شك أن كل ذلك مدمر للسوق لأنه مدمر للثقة بين التاجر وعملائه والبيئة التي ينشط بها.
وإذا انعدمت الثقة كما هو وضع السوق الصحية في بلادنا حاليا حيث انعدام الثقة بين المريض والطبيب حيث يشك المريض في كل أهمية أو ضرورة أي تحليل يطلبه الطبيب للتشخيص أو دواء يصفه للعلاج بأنه لا داعي له وأن المقصود سلب ما بجيبه وإن كان على حساب صحته وحساب السوق الصحية في البلاد، والقصص الحقيقية التي يتداولها الناس أكثر من ان تحصى.
في الآونة الأخيرة بدأنا نسمع مصطلح مستثمر استراتيجي والمقصود به مستثمر طويل الأجل يعلم بأن الاستثمار الناجح هو ذاك الاستثمار الذي يحقق مصلحة المستثمر كما يحقق مصالح كافة الأطراف ذات الصلة عملاء ومجتمع وسوق ينشط بها فضلا عن تحقيق الأهداف التنموية للوطن باعتباره الوعاء الذي يحتضن الجميع، ولكن وللأسف الشديد عندما نبحث فيمن يدعون بأنهم مستثمرون استراتيجيون نجد القلة منهم من تقول وتعمل بهذا المعنى بينما الأغلبية تظنه مستثمرا طويل الأجل فقط وله أن يفعل ما يشاء بالسوق وبالعميل وبالوطن لتحقيق مصالحه (أنا ومن بعدي الطوفان).
المستثمر الإستراتيجي يعرف أن المال الكثير الذي يتجاوز حاجاته وحاجات أسرته ليس غاية وإن كان تحقيق الأرباح لمنشأته هدفا لا غبار عليه، لكنه يعرف أن المال وسيلة وأنه جزء من كل وهو المجتمع والوطن، وبالتالي تجده يعمل وفق مبادئ أخلاقية لا يتجاوزها وإن بدى له للوهلة الأولى بأن ذلك سيفقده بعض الأرباح أو يدخله في الخسائر، فهو يعرف أن التاجر الحقيقي والمستثمر الإستراتيجي هو ذلك الرجل الذي يعمل وفق منظومة أخلاقية تبني له السمعة والمكانة في نفوس الجميع بمرور الزمن، وهي مدعاة لتوفيق الرزاق سبحانه وتعالى.
المستثمر الإستراتيجي أيضا هو ذلك المستثمر الذي يقدم سلع وخدمات تتناسب جودتها مع سعرها من ناحية كما تتناسب نوعا وكما مع حاجات المجتمع بحيث تشكل هذه المنتجات أو السلع حلقة ضمن حلقات التنمية المتصلة، كما أنه يعلم أيضا بأن للمجتمع والوطن بل وحتى الأمة لهم جميعا حق في أمواله وبالتالي تجده مبادرا في المساهمة في معالجة الكثير من القضايا المجتمعية بماله وجهده ووقته والطاقات المتاحة لديه، ولاشك أن بلادنا تزخر بمثل هؤلاء إلا أننا نطمع أن يكونوا الأغلبية بإذن الله.
****
alakil@hotmail.com