لا أحد ينكر أن جامعة الإمام جامعة عريقة ومؤسسة وطنية ذات تأثير بالغ على مسيرة التنمية في بلادنا في مراحلها كافة.. ولا أحد ينكر أن الجامعة تفاعلت مع المتغيرات المرحلية لبلادنا كجسد حي يؤثر ويتأثر في البيئة التي ينشط فيها.. ولا أحد ينكر أن الجامعة تعرضت لهجمة شرسة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث قُيّمت أعمالها السابقة في ظل المعطيات الحالية وهو تقييم جائر دون أدنى شك.. وتم النظر للفكر والأعمال والإنجازات السابقة خارج سياقاتها.
ولاة الأمر لم يلتفتوا إلى هذا التقييم الجائر وقاموا بمعالجة الموقف بحكمة بالغة.. حيث تم تعيين معالي الدكتور سليمان أبا الخيل مديراً عاماً للجامعة لقيادتها إلى بر الأمان وحمايتها وهي القلعة العلمية العريقة مما تُرْمى به محلياً ودولياً حتى لا يعاق دورها الفاعل في بناء وتنمية الوطن.
وعلى الرغم مما قدمته القيادة الجديدة من أفكار وقامت به من أعمال وما حققت من إنجازات لخدمة هذه المنشأة وتطويرها بما يتوافق مع المعطيات الجديدة لدعم التنمية في البلاد وفق الرؤية (الشرعية والعلمية والوطنية) التي أعلنت عنها فإنها لم تستطع أن تحقق الرضا المنشود على اعتبار أنها وضِعَت في موقف دفاعي.. والمدافع بطبيعة الحال ليس كالمهاجم إذ إن إنجازاته مهما بلغت تبقى إنجازات دفاعية.. وهذا يولد ضغطاً نفسياً كبيراً على قيادة الجامعة والعاملين فيها ويجعلهم في موقف المتردد حيث المراجعات والتراجعات خوفاً من مطارق المندفعين الذين يريدون تغييراً جذرياً سريعاً في الجامعة لا مرحلياً متدرجاً يتفق وقواعد التغيير بحسب علماء النفس والاجتماع.
والسؤال الكبير الذي يدور في الذهن الآن هو: ماذا نريد نحن الراغبون في التغيير؟.. هل نريد العنب أم الناطور-كما يقول أشقاؤنا الشوام-بمعنى هل نريد لهذه المؤسسة الكبيرة أن تزال من الوجود أو تتخلى عن مرجعيتها الإسلامية وهنا نكون كمن يريد قتل الناطور؟.. أم نريد لها أن تتغير تدريجياً لمواكبة متطلبات المرحلة من أجل دعم الخطط التنموية في بلادنا مع الحفاظ على مرجعيتها وهويتها نكون بذلك نريد جني العنب؟.
لا أظن أن مواطناً عاقلاً يقول بأننا نريد قتل الناطور إلا إذا كان متطرفاً.. وبالتالي وبكل تأكيد فإننا نريد جني العنب.. وهو ما يتطلب أن نخفف من غلوائنا في الطَرْق غير المنطقي الذي يفضي إلى فقدان التوازن ويثبط الابتكار والإبداع والتطور.. وعلينا أن نتعاون لطرح رؤى منطقية في موضوعها وعقلانية في تدرجها تستند إلى مرجعيات علمية لتطوير هذا الصرح العلمي الكبير ليظل منارة علم وثقافة وتفاعل اجتماعي تدعم مسيرة التنمية في بلادنا.. والأكيد أننا جميعاً وخصوصاً صُنَّاع الفكر والرأي من كُتَّاب وإعلاميين ومفكرين مطالبون بالطرح المنطقي العقلاني حيث إن دعم مسيرة الجامعة نحو التغيير والتطور هو في واقع الأمر دعم للتنمية في بلادنا.وللحديث بقية عن جامعة الإمام وسندان الممانعة