كرسي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - ولي العهد الأمين - في جامعة الملك سعود المخصص للدراسات الإسلامية خطوة جديدة في سلسلة العطاءات الكريمة لسموه، والمتمثل جزء منها في الكراسي الجامعية.
وإذ كان لا بد من عقد ندوة تبين هذا الجانب المضيء لسموه ولأهمية الكرسي المخصص لهذا الهدف، فقد عقدت ندوة تعريفية به تحت عنوان (الوسطية في الإسلام).
ولأننا نحن المسلمين نعرف بأننا أمة وسط، وهو ما كرّمنا الله به في قوله عز وجل {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} فقد توقعنا من عقد ندوة في هذا الخصوص أن تكون في مستوى علمي يقوم على استلهام واستقراء التشريع، وبيان قيمة الوسطية في هذا العصر، الذي بدأت تهيمن عليه العولمة، والتي هي بالتأكيد في تضاد كامل مع الوسطية الإسلامية على الأقل من حيث النظرة الاقتصادية والسلوك الإنساني والقيم التي ينبغي ألا تخضع لمعايير القوة أو المصالح الشخصية، وهاتان الصفقتان من أهم مقومات العولمة لكننا بدلاً من الاستماع إلى أطروحات علمية (لهذا المفهوم الوسطي، وبيان ما يدعّم هذا المنهج من شواهد وأسس، فقد استمعنا إلى طرح عام حول مفهوم الوسطية، وحين تسأل إحدى الحاضرات عن بعض الشواهد التي يمكنها أن توضح مفهوم الوسطية لهن أكثر كانت الإجابة:
الكذب، الظلم، العدل!!
وحين كان البعض يسأل عن إجابة على سؤال في الفقه أو التشريع، كانت الإجابة في كل الأحوال: (الرجوع إلى النصوص الشرعية؟! ومن يحق له أن يحدد الشرع إلا العلماء الربانيون، الذين أفنوا أعمارهم في ذلك!).
لا غبار على هذا التوجيه إلى الشرع والعلماء، لكن ما الذي كان يمنع إذاً أن يُدعى عالم إلى هذه الندوة أو مجموعة من العلماء؟ أليس في ذلك شفاء لكل نفس متسائلة؟! إن كان لا بد لنا من العودة إلى العلماء - وهذا حق - فأي مكان أو منتدى أولى بدعوة العلماء إليه من هذه المناسبة التي يتم فيها التعريف بهذا الكرسي الكريم؟!
لن نضع في مآخذنا على الندوة البهرجة غير الضرورية في طباعة وإعداد البطاقات الخاصة بالدعوة والتي وزعت علينا، وكانت فارهة مبالغاً فيها، ربما وصل سعر الواحدة منها إلى عشرين ريالا أو أكثر، ولن أتحدث عن الجوائز التي صاحبت الندوة، ووزعت أرقام (الحظ) على الحاضرات، ليتم السحب عليها في نهاية الندوة، فتخرج هذه بجهاز جوال وتلك بكاميرا وغير ذلك من جوائز (اليانصيب) الجامعي؟!
ولن أتحدث - كما أسلفنا - عن عدم دعوة العلماء، لأن ما جاء في الندوة من بعض الكلمات يسد الطريق على كل قول! وهل هنالك مما هو أهم وأكثر دلالة مما سيق من شواهد في العاشرة صباحاً وأمام طالبات الجامعة وأساتذتهن اللواتي انتفعن بالعلم المتمثل في الإجابة عن سؤال لإحدى الحاضرات تقول فيه: كيف نتحرى الوسطية في حال التبس علينا الموقف؟ فجاءت الإجابة قاطعة ساطعة من المحاضرة: هلا سألوا إذا جهلوا..!! وتابعت قائلة: هل كنا سنعرف أن علينا الاغتسال من الجنب لو لم يُسأل عن ذلك أهل العلم، لم أفهم حتى حينه علاقة هذا الشاهد بالوسطية في الإسلام.. وتاليتها؟!