حين يعلن (معهد الإدارة) أن لكل خريج وظيفتين تنتظرانه ليختار منهما، وتؤكد (جامعة البترول) أن مقابل كل طالب خمس فرص عمل، والأمر ذاته ل(جامعة الأمير سلطان) وفق العروض المقدمة من الشركات في أيام المهنة - بمختلف تسمياتها - فإن هذه نماذج من المؤسسات العلمية التي وعت الواقع؛ فضبطت مدخلاتها، وافتخرت - من ثم - بمخرجاتها.
** وقبل أسابيع نظمت (المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني) زيارة لبعض معاهدها الخاصة بالتدريب المشترك، وتحديداً لمعهدين أنشئا بالتعاون مع شركات عالمية للبلاستيك والسيارات، وقد ارتبط الدارسون جميعهم بعقود عمل رسمية مع المصانع والوكالات بحيث ضمنوا وظائفهم قبل أن يبدأوا دراستهم.
** هذه نماذج، ولدينا نماذج مشابهة في تخصصات يحتاج إليها سوق العمل، ويجد خريجها نفسه أمام اختيارات متعددة، وربما تنافست الجهات لاستقطابه رغم حداثة عهده، وهو ما يعني أن المشكلة في نوعية الخريجين، وطبيعة التخصصات، وأن الشكوى من البطالة ستظل ما دمنا نسير في الطريق ذاتها التي سلكناها يوماً حين كان حامل الشهادة - أي شهادة - رقماً مهماً.
** وبمباشرة ودون مواربة؛ فمسؤولية البطالة تقع - بدءاً - على تخصصات بلا طلب تصر عليها الجامعات؛ فلا يجد الشباب مناصاً من دخولها، رغم أن مصيرهم - بعد التخرج - إضافة فاصلة إلى نسبة العاطلين.
** نحتاج إلى قرارات جريئة جداً بشأن التعليم العام والجامعي؛ تلغى فيه مواد، وتدمج مواد، وتزاد مواد، وتقفل كليات وتخصصات، ويختار المعلمون ومن يعدون ليكونوا كذلك بعناية ودقة، ويراعى الغد الآتي بما لم يكن في حساب الأمس، وننأى عن جاهزية الاتهامات وحساسية المصطلحات وتنظير المؤامرات؛ فتعليمنا في وضع لا يسر، ومن أهمه الوطن لا تغمه قراءة الواقع بعين الناقد لا بعاطفة ومصلحة وأدلجة تغيب عنها الأرقام والوقائع.
** لدينا مجالات كثيرة تحتاج إلى متخصصين؛ ولا لوم على من يبحث عن العطاء النوعي أن يرفض مخرجات الجامعات الرديئة، كما من المهم الإشادة بخطوة(جامعة الإمام) في إنشاء كليات طبية وعلمية، وقبلها قامت (جامعة الملك خالد) بإقفال تخصصات نظرية؛ وهو ما يشير إلى مراجعة واعية قد يتغير بعدها المسار، وما يفرض على (وزارة التربية) - في عهدها الجديد - الانعتاق من الإرث (المناهجي) الذي أدخلنا في جدل عقيم صور لنا المقررات (البشرية) بهيئة قدسية لا تقبل التعديل والتبديل.
** التعليم هو مرتكز الانطلاق، وسبب الإخفاق، والمزايدات حوله لا تعني غير إضاعة الوقت على الأمة كيلا تبحر في اتجاه الشمس.
** البطالة (الحقيقية) وهم.